الكفل: كساء يمنع الراكب أن يسقط، فالمعنى: يؤتكم نصيبين يحفظانكم من هلكة المعاصي.
وقد بينا معنى " الكفل " في سورة النساء [وفي] المراد بالكفلين هاهنا قولان:
أحدهما: أن أحدهما لإيمانهم بمن تقدم من الأنبياء، والآخر: لإيمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلم قاله ابن عباس.
والثاني: أن أحدهما: [أجر] الدنيا. والثاني: [أجر] الآخرة، قاله ابن زيد. قوله [عز وجل]: (ويجعل لكم نورا). تمشون به على الصراط رواه أبو صالح عن ابن عباس.
والثالث: الهدى، قاله مجاهد. والرابع: الإيمان، قاله ابن السائب.
قوله [عز وجل]: (لئلا يعلم) " لا " زائدة. قال الفراء: والعرب تجعل " لا " صلة في كل كلام دخل في آخره أو أوله جحد، فهذا مما جعل في آخره جحد. والمعنى: ليعلم (أهل الكتاب) الذين لم يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم (ألا يقدرون) أي: أنهم لا يقدرون (على شيء من فضل الله) والمعنى: أنه جعل [الأجرين] لمن آمن بمحمد [صلى الله عليه وسلم] ليعلم من لم يؤمن به أنه لا أجر لهم ولا نصيب في فضل الله (وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء) فآتاه المؤمنين. هذا تلخيص قول الجمهور في هاتين الآيتين. وقد ذهب قوم إلى أنه لما نزل في مسلمي أهل الكتاب قوله:
(الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون) إلى قوله [عز وجل]: (أولئك يؤتون أجرهم مرتين) افتخروا على المسلمين بزيادة الأجر، فشق ذلك على المسلمين، فنزلت هاتان الآيتان، وهذا المعنى في رواية أبي صالح عن ابن عباس، وبه قال مقاتل. فعلى هذا يكون الخطاب للمسلمين، ويكون المعنى: يؤتكم أجرين ليعلم مؤمنو أهل الكتاب أنهم لا يقدرون على شيء من فضل الله الذي خصكم به، فإنه فضلكم على جميع الخلائق. وقال قتادة: لما نزل قوله تعالى:
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله...) الآية، حسد أهل الكتاب المسلمين، فأنزل الله تعالى: (لئلا يعلم أهل الكتاب...) الآية.