والثاني: أنه صدر السفينة، سمي بذلك لأنه يدسر الماء، أي: يدفعه، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال الحسن وعكرمة، ومنه الحديث في العنبر أنه شيء دسره البحر، أي: دفعه.
والثالث: أن الدسر: أضلاع السفينة، قاله مجاهد.
والرابع: أن الدسر: طرفاها وأصلها، والألواح: جانباها، قاله الضحاك.
قوله تعالى: (تجري بأعيننا) أي: بمنظر ومرأى منا (جزاء) قال الفراء: فعلنا به وبهم ما فعلنا من إنجائه وإغراقهم ثوابا لمن كفر به. وفي المراد ب " من " ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه الله عز وجل، وهو مذهب مجاهد، فيكون المعنى: عوقبوا لله ولكفرهم به.
والثاني: أنه نوح كفر به وجحد أمره، قاله الفراء.
والثالث: أن " من " بمعنى " ما "، فالمعنى: جزاء لما كان كفر من نعم الله عند الذين أغرقهم، حكاه ابن جرير. وقرأ قتادة: " لمن كان كفر بفتح الكاف والفاء ".
قوله تعالى: (ولقد تركناها) في المشار إليها قولان:
أحدهما: أنها السفينة، قال قتادة: أبقاها الله على الجودي حتى أدركها أوائل هذه الأمة.
والثاني: أنها الفعلة، فالمعنى: تركنا هذه الفعلة وأمر سفينة نوح آية، أي: علامة ليعتبر بها، (فهل من مدكر) وأصله مدتكر، فأبدلت التاء دالا على ما بينا في قوله: (وادكر بعد أمة) قال ابن قتيبة: أصله: مذتكر، فأدغمت التاء في الذال، ثم قلبت دالا مشددة. قال المفسرون: والمعنى: هل من متذكر يعتبر بذلك؟ (فكيف كان عذابي ونذر) وفي هذه السورة " ونذر " ستة مواضع، أثبت الياء فيهن في الحالين يعقوب، تابعه في الوصل ورش، والباقون بحذفها في الحالين. وقوله: " فكيف كان عذابي " استفهام عن تلك الحالة، ومعناه التعظيم لذلك العذاب. قال ابن قتيبة: والنذر ها هنا جمع نذير، وهو بمعنى الإنذار، ومثله النكير بمعنى الإنكار. قال المفسرون: وهذا تخويف لمشركي مكة.
(ولقد يسرنا القرآن) أي: سهلناه (للذكر) أي: للحفظ والقراءة (فهل من مدكر) أي:
من ذاكر يذكره ويقرؤه، والمعنى: هو الحث على قراءته وتعلمه، قال سعيد بن جبير: ليس من كتب الله كتاب يقرأ كله ظاهرا إلا القرآن. وأما الريح الصرصر، فقد ذكرناها في حم السجدة.
قوله تعالى: (في يوم نحس مستمر) قرأ الحسن: " في يوم " بالتنوين، على أن اليوم منعوت بالنحس. والمستمر: الدائم الشؤم، استمر عليهم بنحوسه. وقال ابن عباس: كانوا يتشاءمون بذلك اليوم وقيل: إنه كان يوم أربعاء في آخر الشهر.