التهبت، يقال: ناقة مسعورة، أي: كأنها مجنونة من النشاط. وقال غيره: لفي شقاء وعناء لأجل ما يلزمنا من طاعته.
ثم أنكروا أن يكون الوحي يأتيه فقالوا: (أألقي الذكر؟) أي: أنزل الوحي (عليه من بيننا؟) أي: كيف خص من بيننا بالنبوة والوحي؟! (بل هو كذاب أشر) وفيه قولان:
أحدهما: أنه المرح المتكبر، قاله ابن قتيبة.
والثاني: البطر، قاله الزجاج.
قوله تعالى: (سيعلمون غدا) قرأ ابن عامر وحمزة: " ستعلمون " بالتاء " غدا " فيه قولان:
أحدهما: يوم القيام، قاله ابن السائب.
والثاني: عند نزول العذاب بهم، قاله مقاتل.
قوله تعالى: (إنا مرسلو الناقة) وذلك أنهم سألوا صالحا أن يظهر لهم ناقة من صخرة، فقال الله تعالى: (إنا مرسلو الناقة) أي: مخرجوها كما أرادوا (فتنة لهم) أي: محنة واختبارا (فارتقبهم) أي: فانتظر ما هم صانعون (واصطبر) على ما يصيبك من الأذى، (ونبئهم أن الماء قسمة بينهم) أي: بين ثمود وبين الناقة، يوم لها ويوم لهم، فذلك قوله: (كل شرب محتضر) يحضره صاحبه ويستحقه.
قوله تعالى: (فنادوا صاحبهم واسمه قدار بن سالف (فتعاطى) قال ابن قتيبة: تعاطى عقر الناقة (فعقر) أي: قتل، وقد بينا هذا في الأعراف.
قوله تعالى (إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة) وذلك أن جبريل عليه السلام صاح بهم، وقد أشرنا إلى قصتهم في هود (فكانوا كهشيم المحتظر) قال ابن عباس: هو الرجل يجعل لغنمه حظيرة بالشجر والشوك دون السباع، فما سقط من ذلك وداسته الغنم، فهو الهشيم. وقد بينا معنى " الهشيم " في (الكهف). وقال الزجاج: الهشيم: ما يبس من الورق وتكسر وتحطم، والمعنى: كانوا كالهشيم الذي يجمعه صاحب الحظيرة بعد أن بلغ الغاية في الجفاف، فهو يجمع ليوقد. وقرأ الحسن: " المحتظر " بفتح الظاء، وهو اسم الحظيرة، والمعنى: كهشيم المكان الذي يحتظر فيه الهشيم من الحطب. وقال سعيد بن جبير: هو التراب الذي يتناثر من الحيطان. وقال قتادة: كالعظام النخرة المحترقة. والمراد من جميع ذلك: أنهم بادوا وهلكوا حتى صاروا كالشئ المتحطم.