والرابع: أن " المسجور " المختلط عذبه بملحه، قاله الربيع بن أنس. فأقسم الله تعالى بهذه الأشياء للتنبيه على ما فيها من عظيم قدرته على أن تعذيب المشركين حق، فقال: (إن عذاب ربك لواقع) أي: لكائن في الآخرة. ثم بين متى يقع، فقال: (يوم تمور السماء مورا) وفيه ثلاثة أقوال:
أحدها: تدور دورا " رواه عكرمة عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وهو اختيار الفراء وابن قتيبة والزجاج ".
والثاني: تحرك تحركا، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال قتادة. وقال أبو عبيدة " تمور " أي: تكفأ، وقال الأعشى.
كأن مشيتها من بيت جارتها * مور السحابة لا ريث ولا عجل والثالث: يموج بعضها في بعض لأمر الله تعالى، قاله الضحاك. وما بعد هذا قد سبق بيانه إلى قوله: (الذين هم في خوض يلعبون) أي: يخوضون في حديث محمد صلى الله عليه وسلم بالتكذيب والاستهزاء، ويلهون بذكره، فالويل لهم.
(يوم يدعون) قال ابن قتيبة: أي: يدفعون، يقال: دععته أدعه، أي: دفعته، ومنه قوله (يدع اليتيم) قال ابن عباس: يدفع في أعناقهم حتى يردوا النار. وقال مقاتل: تغل أيديهم إلى أعناقهم وتجمع نواصيهم إلى أقدامهم، ثم يدفعون إلى جهنم على وجوههم، حتى إذا دنوا منها قالت لهم خزنتها: (هذه النار التي كنتم بها تكذبون) في الدنيا (فأسحر هذا) العذاب الذي ترون؟ فإنكم زعمتم أن الرسل سحرة (أم أنتم لا تبصرون) النار؟ فلما ألقوا فيها قال لهم خزنتها:
(اصلوها). وقال غيره: لما نسبوا محمد صلى الله عليه وسلم إلى أنه ساحر يغطي على الأبصار بالسحر، وبخوا عند رؤية النار بهذا التوبيخ، وقيل: (اصلوها) أي: قاسوا شدتها (فاصبوا) على العذاب (أو لا تصبروا سواء عليكم) الصبر والجزع (إنما تجزون) جزاء (ما كنتم تعملون) من الكفر والتكذيب.
إن المتقين في جنات ونعيم (17) فاكهين بما آتاهم ربهم ووقاهم ربهم عذاب الجحيم (18) كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون (19) متكئين على سرر مصفوفة وزوجناهم بحور عين (20)