يقولون: يا محمد متى يوم الجزاء؟! تكذيبا منهم واستهزاءا.
ثم أخبر عن ذلك اليوم، فقال: (يوم هم على النار) قال الزجاج: " اليوم " منصوب على معنى: يقع الجزاء يوم هم على النار (يفتنون) أي: يحرقون ويعذبون، ومن ذلك يقال للحجارة السود التي كأنها قد أحرقت بالنار: الفتين.
قوله تعالى: (ذوقوا) المعنى: يقال لهم: ذوقوا (فتنتكم) وفيها قولان:
أحدهما: تكذيبكم، قاله ابن عباس.
والثاني: حريقكم، قاله مجاهد. قال أبو عبيدة: ها هنا تم الكلام، ثم ائتنف، فقال:
(هذا الذي كنتم به تستعجلون) قال المفسرون: يعني الذي كنتم تستعجلونه في الدنيا استهزاء.
ثم ذكر ما وعد الله لأهل الجنة فقال: (إن المتقين في جنات وعيون) وقد سبق شرح هذا.
قوله تعالى: (آخذين) قال الزجاج: هو منصوب على الحال، فالمعنى: في جنات وعيون في حال أخذ (ما آتاهم ربهم) قال المفسرون: أي ما أعطاهم الله من الكرامة (إنهم كانوا قبل ذلك محسنين) في أعمالهم. وفي الآية وجه آخر: " آخذين ما آتاهم ربهم " أي: عاملين بما أمرهم به من الفرائض " إنهم كانوا قبل " أن تفرض الفرائض عليهم، " محسنين " أي: مطيعين، وهذا معنى قول ابن عباس في رواية مسلم البطين.
ثم ذكر إحسانهم فقال: (كانوا قليلا من الليل ما يهجعون) والهجوع: النوم بالليل دون النهار. وفي " ما " قولان:
أحدهما: النفي. ثم في المعنى قولان: أحدهما: كانوا يسهرون قليلا من الليل. قال أنس ابن مالك، وأبو العالية: هو ما بين المغرب والعشاء.
والثاني: كانوا ما ينامون قليلا من الليل. واختار قوم الوقف على قوله: " قليلا " على معنى: كانوا من الناس قليلا، ثم ابتدأ فقال: " من الليل ما يهجعون " على معنى نفي النوم عنهم البتة، وهذا مذهب الضحاك، ومقاتل.
والقول الثاني: أن " ما " بمعنى الذي، فالمعنى: كانوا قليلا من الليل الذي يهجعونه، وهذا مذهب الحسن، والأحنف بن قيس، والزهري. وعلى هذا يحتمل أن تكون " ما " زائدة.
قوله تعالى: (وبالأسحار هم يستغفرون) وقد شرحناه.