(فعتوا عن أمر ربهم) قال مقاتل: عصوا أمره (فأخذتهم الصاعقة) يعني العذاب، وهو الموت من صيحة جبريل. وقرأ الكسائي وحده: " الصعقة " بسكون العين من غير ألف، وهي الصوت الذي يكون عن الصاعقة.
قوله تعالى: (وهم ينظرون) فيه قولان:
أحدهما: يرون ذلك عيانا. والثاني: وهم ينتظرون العذاب، فأتاهم صيحة يوم السبت.
قوله تعالى: (فما استطاعوا من قيام) فيه قولان:
أحدهما: ما استطاعوا نهوضا من تلك الصرعة.
والثاني: ما أطاقوا ثبوتا لعذاب الله (وما كانوا منتصرين): أي ممتنعين من العذاب.
قوله تعالى: (وقوم نوح من قبل) قرأ أبو عمرو إلا عبد الوارث، وحمزة، والكسائي:
بخفض الميم، وروى عبد الوارث رفع الميم. والباقون بنصبها. قال الزجاج: من خفض القوم فالمعنى: وفي قوم نوح آية، ومن نصب فهو عطف على معنى قوله: " فأخذتهم الصاعقة " فإن معناه: أهلكناهم، فيكون المعنى: وأهلكنا قوم نوح، والأحسن - والله أعلم - أن يكون محمولا على قوله: " فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم " لأن المعنى: أغرقناه، وأغرقنا قوم نوح.
(والسماء بنيناها) المعنى: وبنينا السماء بنيناها (بأيد) أي: بقوة، وكذلك قال ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وسائر المفسرين واللغويين: " بأيد " أي: بقوة. وفي قوله: (وإنا لموسعون) خمسة أقوال:
أحدها: لموسعون الرزق بالمطر، قاله الحسن. والثاني: لموسعون السماء، قاله ابن زيد.
والثالث: لقادرون، قاله ابن قتيبة. والرابع: لموسعون ما بين السماء والأرض قاله الزجاج.
والخامس: لذو سعة لا يضيق عما يريد، حكاه الماوردي.
قوله تعالى: (والأرض فرشناها فنعم الماهدون) قال الزجاج: هذا عطف على ما قبله منصوب بفعل مضمر محذوف يدل عليه قوله: " فرشناها "، فالمعنى فرشنا الأرض فرشناها " فنعم الماهدون " أي: فنعم الماهدون نحن. قال مقاتل: " فرشناها " أي: بسطناها مسيرة خمسمائة عام، وهذا بعيد، وقد قال قتادة: الأرض عشرون ألف فرسخ، والله تعالى أعلم.
قوله تعالى: (ومن كل شيء خلقنا زوجين) أي: صنفين ونوعين كالذكر والأنثى، والبر والبحر والليل والنهار، والحلو والمر، والنور والظلمة، وأشباه ذلك (لعلكم تذكرون) فتعلموا أن خالق الأزواج واحد.
(ففروا إلى الله) بالتوبة من ذنوبكم، والمعنى: اهربوا مما يوجب العقاب من الكفر