بلقبه، فقيل له: يا رسول الله: إنهم يكرهون هذا، فنزل قوله تعالى: (ولا تنابزوا بالألقاب)، قاله أبو جبيرة بن الضحاك.
والثاني: أن أبا ذر كان بينه وبين رجل منازعة، فقال له الرجل: يا ابن اليهودية، فنزلت:
" ولا تنابزوا بالألقاب "، قاله الحسن.
والثالث: أن كعب بن مالك الأنصاري كان بينه وبين عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي كلام، فقال له: يا أعرابي، فقال له عبد الله: يا يهودي، فنزلت فيهما (ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب " قاله مقاتل.
وأما التفسير، فقوله تعالى: (لا يسخر قوم من قوم) أي: لا يستهزئ غني بفقير، ولا مستور عليه ذنبه بمن لم يستر عليه، ولا ذو حسب بلئيم الحسب، وأشباه ذلك مما ينقصه به، عسى أن يكون عند الله خيرا منه. وقد بينا في البقرة أن القوم اسم الرجال دون النساء، ولذلك قال: " ولا نساء من نساء " و " تلمزوا " بمعنى تعيبوا، وقد سبق بيانه. والمراد بالأنفس هاهنا: الإخوان. والمعنى: لا تعيبوا إخوانكم من المسلمين لأنهم كأنفسكم. والتنابز: التفاعل من النبز، وهو مصدر، والنبز الاسم. والألقاب جمع لقب، وهو اسم يدعى به الإنسان سوى الاسم الذي سمي به. قال ابن قتيبة: " ولا تنابزوا بالألقاب) أي: لا تتداعوا بها. و " الألقاب " و " الأنباز " واحد، ومنه الحديث: " نبزهم الرافضة " أي: لقبهم. وللمفسرين في المراد بهذه الألقاب أربعة أقوال:
أحدها: تعيير التائب بسيئات قد كان عملها، رواه عطية العوفي عن ابن عباس.
والثاني: أنه تسميته بعد إسلامه بدينه قبل الإسلام، كقوله لليهودي إذا أسلم: يا يهودي، وهذا مروي عن ابن عباس أيضا، وبه قال الحسن، وسعيد بن جبير، وعطاء الخراساني، والقرطبي.
والثالث: أنه قول الرجل للرجل: يا كافر، يا منافق، قاله عكرمة.
والرابع: أنه تسميته بالأعمال السيئة، كقوله: يا زاني، يا سارق، يا فاسق، قاله ابن زيد. قال أهل العلم: والمراد بهذه الألقاب: ما يكرهه المنادى به، أو يعد ذما له. فأما الألقاب التي تكسب حمدا وتكون صدقا، فلا تكره، كما قيل لأبي بكر: عتيق، ولعمر: فاروق، ولعثمان: ذو النورين، ولعلي: أبو تراب، ولخالد: سيف الله، ونحو ذلك. وقوله: (بئس الاسم الفسوق) أي: تسميته فاسقا أو كافرا وقد آمن، (ومن لم يتب) من التنابز (فأولئك هم