قوله تعالى: (والقرآن المجيد) قال ابن عباس، وابن جبير: المجيد: الكريم. وفي جواب هذا القسم أربعة أقوال:
أحدها: أنه مضمر، تقديره: ليبعثن بعد الموت. قاله الفراء، وابن قتيبة، ويدل عليه قول الكفار: (هذا شئ عجيب) والثاني: أنه قوله: (قد علمنا ما تنقص الأرض منهم)، فيكون المعنى: قاف والقرآن المجيد لقد علمنا، فحذفت اللام لأن ما قبلها عوض منها، كقوله: (والشمس وضحاها... قد أفلح) أي: لقد أفلح، أجاز هذا القول الزجاج.
والثالث: أنه قوله: (ما يلفظ من قول)، حكي عن الأخفش.
والرابع: أنه في سورة أخرى، حكاه أبو سليمان الدمشقي، ولم يبين في أي سورة.
قوله تعالى: (بل عجبوا) مفسر في ص إلى قوله: (شيء عجيب) أي: معجب.
أئذا متنا) قال الأخفش: هذا الكلام على جواب، كأنه قيل لهم: إنكم ترجعون، فقالوا: أئذا متنا وكنا ترابا؟ وقال غيره: تقدير الكلام: ق والقرآن ليبعثن، فقال: أئذا متنا وكنا ترابا، والمعنى: أنبعث إذا كنا كذلك؟! وقال ابن جرير: لما تعجبوا من وعيد الله على تكذيبهم بمحمد صلى الله عليه وسلم فقالوا: هذا شي عجيب، كان كأنه قال لهم: ستعلمون إذا بعثتم ما يكون حالكم في تكذيبكم محمدا، فقالوا: أئذا متنا وكنا ترابا؟
قوله تعالى: (ذلك رجع) أي: رد إلى الحياة (بعيد) قال ابن قتيبة: أي: لا يكون.
(قد علمنا ما تنقص الأرض منهم) أي: ما تأكل من لحومهم ودمائهم وأشعارهم إذا ماتوا، يعني أن ذلك لا يعزب عن علمه (وعندنا) مع علمنا بذلك (كتاب حفيظ) أي: حافظ لعددهم وأسمائهم ولما تنقص الأرض منهم، وهو اللوح المحفوظ قد أثبت فيه ما يكون.
(بل كذبوا بالحق) وهو القرآن. والمريج: المختلط، قال ابن قتيبة: يقال: مرج أمر الناس، ومرج الدين، وأصل هذا أن يقلق الشيء، ولا يستقر، يقال: مرج الخاتم في يدي: إذا قلق، للهزال. قال المفسرون: ومعنى اختلاط أمرهم: أنهم كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم مرة:
ساحر، ومرة: شاعر، ومرة: معلم، ويقولون للقرآن مرة: سحر، ومرة: مفترى، ومرة:
رجز، فكان أمرهم ملتبسا مختلطا عليهم.