يقرب منا وحدثنا عن أبي عمر غلام ثعلب أنه قال: معنى " آنفا " مذ ساعة. وقرأ ابن كثير، في بعض الروايات عنه: " أنفا " بالقصر، وهذه قراءة عكرمة، وحميد، وابن محيصن. قال أبو علي:
يجوز أن يكون ابن كثير توهم، مثل حاذر وحذر، وفاكه وفكه.
وفي استفهامهم قولان:
أحدهما: لأنهم لم يعقلوا ما يقول، ويدل عليه باقي الآية.
والثاني: أنهم قالوه استهزاء.
قوله تعالى: (والذين اهتدوا) فيهم قولان: أحدهما: أنهم المسلمون، قاله الجمهور.
والثاني: قوم من أهل الكتاب كانوا على الإيمان بأنبيائهم وبمحمد صلى الله عليه وسلم، فلما بعث محمد صلى الله عليه وسلم آمنوا به، قاله عكرمة.
وفي الذي زادهم ثلاثة أقوال: أحدها: أنه الله عز وجل والثاني: قول الرسول. والثالث:
استهزاء المنافقين زاد المؤمنين هدى، ذكرهن الزجاج. وفي معنى الهدى قولان: أحدهما: أنه العلم. والثاني: البصيرة.
وفي قوله: (وآتاهم تقواهم) ثلاثة أقوال: أحدها: ثواب تقواهم في الآخرة، قاله السدي.
والثاني: اتقاء المنسوخ والعمل بالناسخ، قاله عطية. والثالث: أعطاهم التقوى مع الهدى، فاتقوا معصيته خوفا من عقوبته، قاله أبو سليمان الدمشقي.
و (ينظرون) بمعنى ينتظرون (أن تأتيهم) وقرأ أبي بن كعب، وأبو الأشهب، وحميد: " إن تأتهم " بكسر الهمزة من غير ياء بعد التاء. والأشراط: العلامات، قال أبو عبيدة: الأشراط:
الأعلام، وإنما سمي الشرط - فيما ترى - لأنهم أعلموا أنفسهم. قال المفسرون: ظهور النبي صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة، وانشقاق القمر والدخان وغير ذلك.
(فأنى لهم) أي: فمن أين لهم (إذا جاءتهم) الساعة (ذكراهم)؟! قال قتادة: أنى لهم أن يذكروا ويتوبوا إذا جاءت؟!
فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم (19) ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشى عليه من الموت فأولى لهم (20) طاعة وقول معروف فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم (21)