اللغة: فتح المنغلق، والصلح الذي جعل مع المشركين بالحديبية كان مسدودا متعذرا حتى فتحه الله تعالى.
الإشارة إلى قصة الحديبية روت عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في النوم كأن قائلا يقول له: لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين، فأصبح فحدث الناس برؤياه، وأمرهم بالخروج للعمرة، فذكر أهل العلم بالسير أنه خرج واستنفر أصحابه للعمرة، وذلك في سنة ست، ولم يخرج بسلاح إلا السيوف في القرب. وساق هو وأصحابه البدن، فصلى الظهر ب " ذي الحليفة "، ثم دعا بالبدن فجللت، ثم أشعرها وقلدها، فعل ذلك أصحابه، وأحرم ولبى، فبلغ المشركين خروجه، فأجمع رأيهم على صده عن المسجد الحرام، وخرجوا حتى عسكروا ب " بلدح "، وقدموا مائتي فارس إلى كراع الغميم، وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دنا من الحديبية، قال الزجاج: وهي بئر، فسمي المكان باسم البئر، قالوا: وبينها وبين مكة تسعة أميال، فوقفت يدا راحلته، فقال المسلمون: حل حل يزجرونها، فأبت فقالوا: خلأت القصواء - والخلاء في الناقة مثل الحران في الفرس - فقال: " ما خلأت، ولكن حبسها حابس الفيل، أما والله لا يسألوني خطة فيها تعظيم حرمة الله إلا أعطيتهم إياها "، ثم جرها فقامت، فولى راجعا عوده على بدئه حتى نزل على ثمد من أثماد الحديبية قليل الماء، فانتزع سهما من كنانته فغرزه فيها، فجاشت لهم بالرواء، وجاءه بديل بن ورقاء في ركب فسلموا وقالوا: جئناك من عند قومك وقد استنفروا لك الأحابيش ومن أطاعهم، يقسمون، لا يخلون بنيك وبين البيت حتى تبيد خضراءهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لم نأت لقتال أحد إنما جئنا لنطوف بهذا البيت، فمن صدنا عنه قاتلناه ". فرجع بديل فأخبر قريشا، فبعثوا عروة بن مسعود، فكلمه بنحو ذلك، فأخبر قريشا، فقالوا: نرده من عامنا هذا، ويرجع من قابل فيدخل مكة ويطوف بالبيت، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان، قال: " اذهب إلى قريش فأخبرهم أنا لم نأت لقتال أحد، وإنما جئنا زوارا لهذا البيت، معنا الهدي ننحره وننصرف، فأتاهم فأخبرهم، فقالوا: لا كان هذا أبدا، ولا يدخلها العام، وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عثمان قد قتل، فقال: " لا نبرح حتى نناجزهم "، فذاك حين دعا المسلمين إلى بيعة الرضوان، فبايعهم تحت الشجرة. وفي عددهم يومئذ أربعة أقوال:
أحدها: ألف وأربعمائة، قاله البراء، وسلمة بن الأكوع، وجابر، ومعقل بن يسار.
والثاني: ألف وخمسمائة، روي عن جابر أيضا، وبه قال قتادة.
والثالث: ألف وخمسمائة وخمس وعشرون، رواه العوفي عن ابن عباس.
والرابع: ألف وثلاثمائة، قاله عبد الله بن أبي أوفى. قال: وضرب يومئذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله على يمينه لعثمان، وقال: إنه ذهب في حاجة الله ورسوله، وجعلت الرسل تختلف بينهم،