[له]: من الرجل الذي في ظل السدرة؟ فقال: ذاك محمد بن عبد الله، بن عبد المطلب، فقال: هذا والله نبي، وما استظل تحتها أحد بعد عيسى إلا محمد نبي الله، فوقع في قلب أبي بكر اليقين والتصديق، فكان لا يفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم في أسفاره وحضره، فلما نبئ رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو ابن أربعين سنة وأبو بكر ابن ثمان وثلاثين سنة - صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما بلغ أربعين سنة قال: رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي، رواه عطاء عن ابن عباس، وبه قال الأكثرون: قالوا:
فلما بلغ أبو بكر أربعين سنة، دعا الله عز وجل بما ذكره في هذه الآية، فأجابه الله، فأسلم والداه وأولاده ذكورهم وإناثهم، ولم يجتمع ذلك لغيره من الصحابة.
والقول الثاني: أنها نزلت في سعد بن أبي وقاص، وقد شرحنا قصته في سورة العنكبوت، وهذا مذهب الضحاك، والسدي.
والثالث: أنها نزلت على العموم، قاله الحسن. وقد شرحنا في سورة النمل معنى قوله:
قوله تعالى: (وأن أعمل صالحا ترضاه) قال ابن عباس: أجابه الله - يعني أبا بكر - فأعتق تسعة من المؤمنين كانوا يعذبون في الله عز وجل، ولم يرد شيئا من الخير إلا أعانه الله عليه، واستجاب له في ذريته فآمنوا، (إني تبت إليك) أي: رجعت إلى كل ما تحب.
قوله تعالى: (أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم) قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم: " يتقبل " " ويتجاوز " بالياء المضمومة فيهما.
وقرأ حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم، وخلف: " نتقبل " و " نتجاوز " بالنون فيهما، وقرأ أبو المتوكل، وأبو رجاء، وأبو عمران الجوني: " يتقبل " ويتجاوز " بياء مفتوحة فيهما، يعني أهل هذا القول، والأحسن بمعنى الحسن.
(في أصحاب الجنة) أي: في جملة من يتجاوز عنهم، وهم أصحاب الجنة. وقيل: " في " بمعنى " مع ".
(وعد الصدق) قال الزجاج: هو منصوب، لأنه مصدر مؤكد لما قبله، لأن قوله: " أولئك الذين نتقبل عنهم " بمعنى الوعد، لأنه وعدهم القبول بقوله: " وعد الصدق "، يؤكد ذلك قوله:
(الذي كانوا يوعدون) أي: على ألسنة الرسل في الدنيا.