عروة؟ قال: إنما أخبرني به رجل بباب عبد الملك. وروي في غير هذا الحديث أن الرجل سليمان بن أرقم. وكيفما تصرفت به الحال فليس فيه ما يفسده على مذهب الفقهاء، وما يعترض به أصحاب الحديث من مثل هذا لا يفسد الحديث ولا يقدح فيه عندهم.
وقد روى أيضا خصيف عن عكرمة عن ابن عباس: (أن حفصة وعائشة أصبحتا صائمتين، فأهدي لهما طعام، فأفطرتا، فأمرهما النبي صلى الله عليه وسلم أن تقضيا يوما مكانه). وحدثنا عبد الباقي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا محمد بن عباد قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل عن أبي حمزة عن الحسن عن أبي سعيد الخدري: أن عائشة وحفصة أصبحتا صائمتين، فأهدي لهما طعام، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم وهما تأكلان فقال: (ألم تصبحا صائمتين) قالتا: بلى! قال: (اقضيا يوما مكانه ولا تعودا). في وقد روي من طريق آخر، وهو ما حدثنا عبد الباقي قال: حدثنا إسماعيل بن الفضل بن موسى قال: حدثنا حرملة قال: حدثنا ابن وهب قال: حدثنا جرير بن حازم عن يحيى بن سعيد عن عروة عن عائشة قالت: أصبحت أنا وحفصة صائمتين متطوعتين، فأهدي إلينا طعام، فأعجبنا فأفطرنا، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم بدرتني حفصة، فسألته وهي ابنة أبيها فقال عليه السلام: (صوما يوما مكانه). وروى الحجاج بن أرطاة عن الزهري عن عروة عن عائشة مثل ذلك. وقد روى عبيد الله بن عمر عن نافع عن عبد الله بن عمر هذه القصة وذكر نحوها إلا أنه لم يذكر تطوعا. فهذه آثار مستفيضة قد رويت من طرق، في بعضها أنهما أصبحتا صائمتين متطوعتين، وفي بعضها لم يذكر التطوع، وفي كلها الأمر بالقضاء.
ويدل على وجوب القضاء ما حدثنا محمد بن بكر قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا مسدد قال: حدثنا عيسى بن يونس قال: حدثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من ذرعه قئ وهو صائم فليس عليه قضاء وإن استقاء فليقض) هذه وفي هذا الحديث ما يوجب القضاء على الصائم المتطوع إذا استقاء عمدا، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يفرق بين المتنفل وبين من يصوم فرضا.
ويدل عليه من جهة النظر اتفاق الجميع على أن المتصدق بصدقة تطوعا إذا قبضها من تصدق بها عليه لا يرجع فيها، لما فيه من أبطال القربة التي حصلت له بها، فكذلك الداخل في صلاة أو صوم تطوعا غير جائز له الخروج منها قبل إتمامها، لما فيه من إبطال ما تقدم منه، فهو بمنزلة الصدقة المقبوضة.
فإن قيل هو بمنزلة الصدقة التي لم تقبض، لأنه إنما امتنع من فعل باقي أجزاء الصلاة، والصوم بمنزلة الممتنع من تسليم الصدقة. قيل له: لو لم يكن إلا كذلك لكان كما ذكرت، لكنه لما كان في الخروج منه قبل إتمامه إبطال ما تقدم لم يكن له سبيل إلى