تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما) *. فلما كان ما وصفت من اخراج كل ما كان في الانسان واحدا إذا ضم إلى الواحد منه آخر من انسان آخر، فصار اثنين من اثنين، فلفظ الجمع أفصح في منطقها وأشهر في كلامها، وكان الاخوان شخصين كل واحد منهما غير صاحبه من نفسين مختلفين أشبه معناهما معنى ما كان في الانسان من أعضائه واحدا لا ثاني له، فأخرج أنثييهما بلفظ أنثى العضوين اللذين وصفت، فقيل إخوة في معنى الأخوين، كما قيل ظهور في معنى الظهرين، وأفواه في معنى فموين، وقلوب في معنى قلبين. وقد قال بعض النحويين: إنما قيل إخوة، لان أقل الجمع اثنان، وذلك أنه إذا ضم شئ إلى شئ صارا جميعا بعد أن كانا فردين فجمعا، ليعلم أن الاثنين جمع. وهذا وإن كان كذلك في المعنى، فليس بعلة تنبئ عن جواز اخراج ما قد جرى الكلام مستعملا مستفيضا على ألسن العرب لاثنينه بمثال، وصورة غير مثال ثلاثة فصاعدا منه، وصورتها، لان من قال أخواك قاما، فلا شك أنه قد علم أن كل واحد من الأخوين فرد ضم أحدهما إلى الآخر، فصارا جميعا بعد أن كانا شتى عنوان الامر. وإن كان كذلك فلا تستجيز العرب في كلامها أن يقال: أخواك قاموا، فيخرج قولهم: قاموا، وهو لفظ للخبر عن الجميع خبرا عن الأخوين وهما بلفظ الاثنين، لان لكل ما جرى به الكلام على ألسنتهم مثالا معروفا عندهم، وصورة إذا غير مغير ما قد عرفوه فيهم أنكروه، فكذلك الاخوان وإن كان مجموعين ضم أحدهما إلى صاحبه، فلهما مثال في المنطق، وصورة غير مثال الثلاثة منهم فصاعدا وصورتهم، فغير جائز أن يغير أحدهما إلى الآخر إلا بمعنى مفهوم. وإذا كان ذلك كذلك فلا قول أولى بالصحة مما قلنا قبل.
فإن قال قائل: ولم نقصت الأم عن ثلثها بمصير إخوة الميت معها اثنين فصاعدا؟
قيل: اختلفت العلماء في ذلك، فقال بعضهم: نقصت الأم عن ذلك دون الأب، لان على الأب مؤنهم دون أمهم. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: * (فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس) * أنزلوا الأم ولا يرثون، ولا يحجبها الأخ الواحد من الثلث، ويحجبها ما فوق ذلك. وكان أهل