من أموالكم وتركتكم التي تخلفونها بعد وفاتكم الثمن من بعد قضاء ديونكم التي حدث بكم حدث الوفاة وهي عليكم، ومن بعد إنفاذ وصاياكم الجائزة التي توصون بها. وإنما قيل:
* (من بعد وصية توصون بها أو دين) * فقدم ذكر الوصية على ذكر الدين، لان معنى الكلام:
إن الذي فرضت لمن فرضت له منكم في هذه الآيات إنما هو له من بعد اخراج أي هذين كان في مال الميت منكم، من وصية أو دين. فلذلك كان سواء تقديم ذكر الوصية قبل ذكر الدين، وتقديم ذكر الدين قبل ذكر الوصية، لأنه لم يرد من معنى ذلك اخراج أحد الشيئين:
الدين والوصية من ماله، فيكون ذكر الدين أولى أن يبدأ به من ذكر الوصية.
القول في تأويل قوله تعالى: * (وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة) *.
يعني بذلك جل ثناؤه: وإن كان رجل أو امرأة يورث كلالة.
ثم اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأ ذلك عامة قراء أهل الاسلام: * (وإن كان رجل يورث كلالة) * يعني: وإن كان رجل يورث متكلل النسب. فالكلالة على هذا القول مصدر من قولهم: تكلله النسب تكللا وكلالة، بمعنى: تعطف عليه النسب. وقرأه بعضهم: وإن كان رجل يورث كلالة بمعنى: وإن كان رجل يورث من يتكلله، بمعنى: من يتعطف عليه بنسبه من أخ أو أخت.
واختلف أهل التأويل في الكلالة، فقال بعضهم: هي ما خلا الوالد والولد. ذكر من قال ذلك:
حدثنا الوليد بن شجاع السكوني، قال: ثني علي بن مسهر، عن عاصم، عن الشعبي، قال: قال أبو بكر رضي الله عنه: إني قد رأيت في الكلالة رأيا، فإن كان صوابا فمن الله وحده لا شريك له، وإن يكن خطأ فمني والشيطان، والله منه برئ، إن الكلالة ما خلا الولد والوالد. فلما استخلف عمر رضي الله عنه، قال: إني لاستحيي من الله تبارك وتعالى أن أخالف أبا بكر في رأي رآه.
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا عاصم الأحول، قال:
ثنا الشعبي: أن أبا بكر رضي الله عنه، قال في الكلالة: أقول فيها برأيي، فإن كان صوابا فمن الله: هو ما دون الولد والوالد. قال: فلما كان عمر رضي الله عنه، قال: إني لاستحيي من الله أن أخالف أبا بكر.
حدثنا أبو بشر بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا سفيان، عن عاصم الأحول،