حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن الحرث الأعور، عن علي رضي الله عنه قال: إنكم تقرؤون هذه الآية:
* (من بعد وصية يوصي بها أو دين) * أن رسول الله (ص) قضى بالدين قبل الوصية.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: ثنا زكرياء بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عن الحرث، عن علي رضوان الله عليه، عن النبي (ص)، بمثله.
حدثنا أبو السائب، قال: ثنا حفص بن غياث، قال: ثنا أشعث، عن أبي إسحاق، عن الحرث، عن علي، عن رسول الله (ص)، مثله.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا هارون بن المغيرة، عن ابن مجاهد، عن أبيه:
* (من بعد وصية يوصي بها أو دين) * قال: يبدأ بالدين قبل الوصية.
واختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء أهل المدينة والعراق: * (يوصي بها أو دين) *، وقرأ بعض أهل مكة والشام والكوفة: يوصى بها على معنى ما لم يسم فاعله.
قال أبو جعفر: وأولى القراءتين بالصواب قراءة من قرأ ذلك: * (من بعد وصية يوصي بها أو دين) * على مذهب ما قد سمي فاعله، لان الآية كلها خبر عمن قد سمي فاعله، ألا ترى أنه يقول: * (ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد) *؟ فكذلك الذي هو أولى بقوله: * (يوصي بها أو دين) * أن يكون خبرا عمن قد سمي فاعله، لان تأويل الكلام: ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد، من بعد وصية يوصي بها، أو دين يقضى عنه.
القول في تأويل قوله تعالى: * (آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا) *.
يعني جل ثناؤه بقوله: * (آباؤكم وأبناؤكم) * هؤلاء الذين أوصاكم الله به فيهم - من قسمة ميراث ميتكم فيهم على ما سمى لكم وبينه في هذه الآية - * (آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا) * يقول: أعطوهم حقوقهم من ميراث ميتهم الذي أوصيتكم أن تعطوهموها، فإنكم لا تعلمون أيهم أدنى وأشد نفعا لكم في عاجل دنياكم وآجل أخراكم.
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: * (لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا) * فقال بعضهم: يعني بذلك: أيهم أقرب لكم نفعا في الآخرة. ذكر من قال ذلك: