العلم يرون أنهم إنما حجبوا أمهم من الثلث، لان أباهم يلي نكاحهم، والنفقة عليهم دون أمهم.
وقال آخرون: بل نقصت الأم السدس وقصر بها على سدس واحد معونة لإخوة الميت بالسدس الذي حجبوا أمهم عنه. ذكر من قال ذلك:
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: السدس الذي حجبته الاخوة الأم لهم إنما حجبوا أمهم عنه ليكون لهم دون أمهم. وقد روي عن ابن عباس خلاف هذا القول، وذلك ما:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن الحسن بن محمد، عن ابن عباس، قال: الكلالة: من لا ولد له ولا والد.
قال أبو جعفر: وأولى ذلك بالصواب أن يقال في ذلك: إن الله تعالى ذكره فرض للأم مع الاخوة السدس لما هو أعلم به من مصلحة خلقه. وقد يجوز أن يكون ذلك كان لما ألزم الآباء لأولادهم، وقد يجوز أن يكون ذلك لغير ذلك، وليس ذلك مما كلفنا علمه، وإنما أمرنا بالعمل بما علمنا. وأما الذي روي عن طاوس عن ابن عباس، فقول لما عليه الأمة مخالف، وذلك أنه لا خلاف بين الجميع أن لا ميراث لأخي ميت مع والده، فكفى إجماعهم على خلافه شاهدا على فساده.
القول في تأويل قوله تعالى: * (من بعد وصية يوصي بها أو دين) *.
يعني جل ثناؤه بقوله: * (من بعد وصية يوصي بها أو دين) * أن الذي قسم الله تبارك وتعالى لولد الميت الذكور منهم والإناث ولأبويه من تركته من بعد وفاته، إنما يقسمه لهم على ما قسمه لهم في هذه الآية من بعد قضاء دين الميت الذي مات وهو عليه من تركته ومن بعد تنفيذ وصيته في بابها، بعد قضاء دينه كله. فلم يجعل تعالى ذكره لاحد من ورثة الميت ولا لاحد ممن أوصى له بشئ إلا من بعد قضاء دينه من جميع تركته، وإن أحاط بجميع ذلك. ثم جعل أهل الوصايا بعد قضاء دينه شركاء ورثته فيما بقي لما أوصى لهم به ما لم يجاوز ذلك ثلثه، فإن جاوز ذلك ثلثه جعل الخيار في إجازة ما زاد على الثلث من ذلك أو رده إلى ورثته، إن أحبوا أجازوا الزيادة على ثلث ذلك، وإن شاءوا ردوه، فأما ما كان من ذلك إلى الثلث فهو ماض عليهم. وعلى كل ما قلنا من ذلك الأمة مجمعة. وقد روي عن رسول الله (ص) بذلك خبر، وهو ما: