القول في تأويل قوله تعالى: * (وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد) *.
يعني بقوله: وإن كانت المتروكة ابنة واحدة، فلها النصف، يقول: فلتلك الواحدة نصف ما ترك الميت من ميراثه إذا لم يكن معها غيرها من ولد الميت ذكر ولا أنثى.
فإن قال قائل: فهذا فرض الواحدة من النساء، وما فوق الاثنتين، فأين فريضة الاثنتين؟ قيل: فريضتهم بالسنة المنقولة نقل الوراثة التي لا يجوز فيها الشك. وأما قوله:
* (ولأبويه) * فإنه يعني: ولأبوي الميت لكل واحد منهما السدس من تركته وما خلف من ماله سواء فيه الوالدة والوالد، لا يزداد واحد منهما على السدس إن كان له ولد ذكرا كان الولد أو أنثى، واحدا كان أو جماعة.
فإن قال قائل: فإذ كان كذلك التأويل، فقد يجب أن لا يزاد الوالد مع الابنة الواحدة على السدس من ميراثه عن ولده الميت، وذلك إن قلته قول خلاف لما عليه الأمة مجمعون من تصييرهم باقي تركة الميت مع الابنة الواحدة بعد أخذها نصيبها منها لوالده أجمع؟ قيل:
ليس الامر في ذلك كالذي ظننت، وإنما لكل واحد من أبوي الميت السدس من تركته مع ولده ذكرا كان الولد أو أنثى، واحدا كان أو جماعة، فريضة من الله له مسماة، فإن زيد على ذلك من بقية النصف مع الابنة الواحدة إذا لم يكن غيره وغير ابنة للميت واحدة فإنما زيدها ثانيا لقرب عصبة الميت إليه، إذ كان حكم كل ما أبقته سهام الفرائض، فلأولي عصبة الميت وأقربهم إليه بحكم ذلك لها على لسان رسول الله (ص)، وكان الأب أقرب عصبة ابنه وأولاها به إذا لم يكن لابنه الميت ابن.
القول في تأويل قوله تعالى: * (فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث) *.
يعني جل ثناؤه بقوله: * (فإن لم يكن له) *: فإن لم يكن للميت ولد ذكر ولا أنثى، وورثه أبواه دون غيرهما من ولد وارث، * (فلأمه الثلث) * يقول: فلامه من تركته وما خلف بعده ثلث جميع ذلك.
فإن قال قائل: فمن الذي له الثلثان الآخران؟ قيل له الأب. فإن قال قائل: بماذا؟
قلت: بأنه أقرب أهل الميت إليه، ولذلك ترك ذكر تسمية من له الثلثان الباقيان، إذ كان قد بين على لسان رسول الله (ص) لعباده أن كل ميت فأقرب عصبته به أولى بميراثه بعد إعطاء