مجهولا غير موقت، ومن ذلك قول الله عز وجل: * (إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله) * فرد يصدون على كفروا، لان الذين غير موقتة، فقوله: * (كفروا) * وإن كان في لفظ ماض، فمعناه الاستقبال، وكذلك قوله: * (إلا من تاب وآمن وعمل صالحا) *، وقوله: * (إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم) * معناه: إلا الذين يتوبون من قبل أن تقدروا عليهم، وإلا من يتوب ويؤمن، ونظائر ذلك في القرآن والكلام كثير، والعلة في كل ذلك واحدة. وأما قوله: * (ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم) * فإنه يعني بذلك: حزنا في قلوبهم. كما:
حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: * (في قلوبهم) * قال: يحزنهم قولهم لا ينفعهم شيئا.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: * (ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم) * لقلة اليقين بربهم جل ثناؤه.
القول في تأويل قوله تعالى: * (والله يحيي ويميت والله بما تعملون بصير) *.
يعني جل ثناؤه بقوله: * (والله يحيي ويميت) *: والله المعجل الموت لمن يشاء من حيث يشاء، والمميت من يشاء كلما شاء دون غيره من سائر خلقه. وهذا من الله عز وجل ترغيب لعباده المؤمنين على جهاد عدوه، والصبر على قتالهم، وإخراج هيبتهم من صدورهم، وإن قل عددهم، وكثر عدد أعدائهم وأعداء الله، وإعلام منه لهم أن الإماتة والاحياء بيده، وأنه لن يموت أحد ولا يقتل إلا بعد فناء أجله الذي كتب له، ونهي منه لهم إذ كان كذلك أن يجزعوا لموت من مات منهم أو قتل من قتل منهم في حرب المشركين. ثم قال جل ثناؤه: * (والله بما تعملون بصير) * يقول: إن الله يرى ما تعملون من خير وشر، فاتقوه أيها المؤمنون، فإنه محص ذلك كله، حتى يجازي كل عامل بعمله على قدر استحقاقه. وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال ابن إسحاق.