وأما المثابة فإن أهل العربية مختلفون في معناها، والسبب الذي من أجله أنثت فقال بعض نحويي البصرة: ألحقت الهاء في المثابة لما كثر من يثوب إليه، كما يقال سيارة لمن يكثر ذلك ونسابة.
وقال بعض نحويي الكوفة: بل المثاب والمثابة بمعنى واحد، نظيرة المقام والمقامة ذكر على قوله لأنه يريد به الموضع الذي يقام فيه، وأنثت المقامة لأنه أريد بها البقعة.
وأنكر هؤلاء أن تكون المثابة كالسيارة والنسابة، وقالوا: إنما أدخلت الهاء في السيارة والنسابة تشبيها لها بالداعية والمثابة مفعلة من ثاب القوم إلى الموضع: إذا رجعوا إليهم فهم يثوبون إليه مثابا ومثابة وثوابا.
فمعنى قوله: وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وإذ جعلنا البيت مرجعا للناس ومعاذا يأتونه كل عام ويرجعون إليه، فلا يقضون منه وطرا. ومن المثاب قول ورقة بن نوفل في صفة الحرم:
مثاب لأفناء القبائل كلها * تخب إليه اليعملات الصلائح ومنه قيل: ثاب إليه عقله، إذا رجع إليه بعد عزوبه عنه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
1613 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله الله: وإذ جعلنا البيت مثابة للناس قال: لا يقضون منه وطرا.
* - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
* - حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: وإذ جعلنا البيت مثابة للناس قال: يثوبون إليه، لا يقضون منه وطرا.
1614 - حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي: وإذ جعلنا