ثم اختلف أهل التأويل فيمن عنى الله بقوله: والعاكفين فقال بعضهم: عنى به الجالس في البيت الحرام بغير طواف ولا صلاة. ذكر من قال ذلك:
1659 - حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن أبي بكر الهذلي، عن عطاء، قال: إذا كان طائفا بالبيت فهو من الطائفين، وإذا كان جالسا فهو من العاكفين.
وقال بعضهم: العاكفون هم المعتكفون المجاورون. ذكر من قال ذلك:
1660 - حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد الزبيري، قال: ثنا شريك، عن جابر، عن مجاهد وعكرمة: طهرا بيتي للطائفين والعاكفين قال: المجاورون.
وقال بعضهم: العاكفون هم أهل البلد الحرام. ذكر من قال ذلك:
1661 - حدثنا أبو كريب، قال: ثنا أبو بكر بن عياش، قال: ثنا أبو حصين، عن سعيد بن جبير في قوله: والعاكفين قال: أهل البلد.
1662 - حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا سعيد، عن قتادة:
والعاكفين قال: العاكفون: أهله.
وقال آخرون: العاكفون: هم المصلون. ذكر من قال ذلك:
1663 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس في قوله: طهرا بيتي للطائفين والعاكفين قال: العاكفون:
المصلون.
وأولى هذه التأويلات بالصواب ما قاله عطاء، وهو أن العاكف في هذا الموضع:
المقيم في البيت مجاورا فيه بغير طواف ولا صلاة، لان صفة العكوف ما وصفنا من الإقامة بالمكان. والمقيم بالمكان قد يكون مقيما به وهو جالس ومصل وطائف وقائم، وعلى غير ذلك من الأحوال فلما كان تعالى ذكره قد ذكر في قوله: أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود المصلين والطائفين، علم بذلك أن الحال التي عنى الله تعالى ذكره من العاكف غير حال المصلي والطائف، وأن التي عنى من أحواله هو العكوف بالبيت على سبيل الحوار فيه، وإن لم يكن مصليا فيه ولا راكعا ولا ساجدا.
القول في تأويل قوله تعالى: والركع السجود.
يعني تعالى ذكره بقوله: والركع جماعة القوم الراكعين فيه له، واحدهم راكع.
وكذلك السجود هم جماعة القوم الساجدين فيه له واحدهم ساجد، كما يقال رجل قاعد