تبين بذلك أن القرآن سمي فرقانا لفصله بحجته وأدلته وحدوده وفرائضه وسائر معاني حكمه، بين المحق والمبطل. وفرقانه بينهما: بنصره المحق وتخذيله المبطل، حكما وقضاء.
وأما تأويل اسمه الذي هو " الكتاب "، فهو مصدر من قولك: كتبت كتابا، كما تقول:
قمت قياما، وحسبت الشئ حسابا. والكتاب هو خط الكتاب حروف المعجم مجموعة ومتفرقة، وسمي كتاب، وإنما هو مكتوب، كما قال الشاعر في البيت الذي استشهدنا به:
.......... وفيها * كتاب مثل ما لصق الغراء يعني مكتوبا.
وأما تأويل اسمه الذي هو " الذكر "، فإنه محتمل معنيين: أحدهما أنه ذكر من الله جل ذكره، ذكر بن عباده، فعرفهم فيه حدوده وفرائضه وسائر ما أودعه من حكمه. والآخر: أنه ذكر وشرف وفخر لمن آمن به وصدق بما فيه، كما قال جل ثناؤه: (وإنه لذكر لك ولقومك) (1) يعني به أنه شرف له ولقومه.
ثم لسور القرآن أسماء سماها بها رسول الله (صلى الله عليه وسلم):
103 - حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا أبو داود الطيالسي، قال: حدثنا أبو العوام، وحدثني محمد بن خلف العسقلاني، قال: حدثنا داود بن الجراح، قال: حدثنا سعيد بن بشر جميعا عن قتادة، عن أبي المليح، عن واثلة بن الأسقع، أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال:
" أعطيت مكان التوراة السبع الطوال، وأعطيت مكان الزبور المئين، وأعطيت مكان الإنجيل المثاني وفضلت بالمفصل " (2).
104 - وحدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن علية، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " أعطيت السبع الطوال مكان التوراة، وأعطيت المثاني مكان الزبور، وأعطيت المئين مكان الإنجيل، وفصلت بالمفصل " (3).