وقال بعضهم: بئسما شئ واحد يعرف ما بعده كما حكي عن العرب: بئسما تزويج ولا مهر فرافع تزويج بئسما، كما يقال: بئسما زيد، وبئسما عمرو، فيكون بئسما رفعا بما عاد عليها من الهاء، كأنك قلت: بئس شئ الشئ اشتروا به أنفسهم، وتكون أن مترجمة عن بئسما.
وأولى هذه الأقوال بالصواب قول من جعل بئسما مرفوعا بالراجع من الهاء في قوله: اشتروا به كما رفعوا ذلك بعبد الله، إذ قالوا: بئسما عبد الله، وجعل أن يكفروا مترجمة عن بئسما، فيكون معنى الكلام حينئذ: بئس الشئ باع اليهود به أنفسم كفرهم بما أنزل الله بغيا وحسدا أن ينزل الله من فضله. وتكون أن التي في قوله: أن ينزل الله، في موضع نصب لأنه يعني به أن يكفروا بما أنزل الله من أجل أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده وموضع أن جر. وكان بعض أهل العربية من الكوفيين يزعم أن أن في موضع خفض بنية الباء. وإنما اخترنا فيها النصب لتمام الخبر قبلها، ولا خافض معها يخفضها، والحرف الخافض لا يخفض مضمرا. وأما قوله: اشتروا به أنفسهم فإنه يعني به باعوا أنفسهم. كما:
1266 - حدثني موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي:
بئسما اشتروا به أنفسهم يقول: باعوا أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا.
1267 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسن، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال مجاهد: بئسما اشتروا به أنفسهم يهود شروا الحق بالباطل وكتمان ما جاء به محمد (ص) بأن بينوه. والعرب تقول: شريته بمعنى بعته، واشتروا في هذا الموضع افتعلوا من شريت. وكلام العرب فيما بلغنا أن يقولوا: شريت بمعنى بعت، واشتريت بمعنى ابتعت. وقيل إنما سمي الشاري شاريا لأنه باع نفسه ودنياه بآخرته. ومن ذلك قول يزيد بن مفرغ الحميري: