واختلف أهل العربية في معنى ما التي مع بئسما، فقال بعض نحويي البصرة: هي وحدها اسم، وأن يكفروا تفسير له، نحو: نعم رجلا زيد. وأن ينزل الله بدل من أنزل الله.
وقال بعض نحويي الكوفة: معنى ذلك: بئس الشئ اشتروا به أنفسهم أن يكفروا، ف " ما " اسم بئس، وأن يكفروا الاسم الثاني. وزعم أن أن ينزل الله من فضله إن شئت جعلت أن في موضع رفع، وإن شئت في موضع خفض. أما الرفع: فبئس الشئ هذا أن فعلوه وأما الخفض: فبئس الشئ اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا. قال:
وقوله: لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم كمثل ذلك. والعرب تجعل ما وحدها في هذا الباب بمنزلة الاسم التام كقوله: فنعما هي وبئسما أنت.
واستشهد لقوله ذلك برجز بعض الرجاز:
لا تعجلا في السير وادلواها * لبئسما بطء ولا نرعاها قال أبو جعفر: والعرب تقول: لبئسما تزويج ولا مهر، فيجعلون ما وحدها اسما بغير صلة. وقائل هذه المقالة لا يجيز أن يكون الذي يلي بئس معرفة موقتة وخبره معرفة موقتة. وقد زعم أن بئسما بمنزلة: بئس الشئ اشتروا به أنفسهم، فقد صارت ما بصلتها اسما موقتا لان اشتروا فعل ماض من صلة ما في قول قائل هذه المقالة، وإذا وصلت بماض من الفعل كانت معرفة موقتة معلومة فيصير تأويل الكلام حينئذ: بئس شراؤهم كفرهم، وذلك عنده غير جائز، فقد تبين فساد هذا القول. وكان آخر منهم يزعم أن " أن " في موضع خفض إن شئت، ورفع إن شئت، فأما الخفض فأن ترده على الهاء التي في به على التكرير على كلامين، كأنك قلت: اشتروا أنفسهم بالكفر. وأما الرفع فأن يكون مكررا على موضع ما التي تلي بئس. قال: ولا يجوز أن يكون رفعا على قولك:
بئس الرجل عبد الله.