بعض البوادي، فيكتبون ما قبلها وما بعدها ويدعون موضعها، حتى يجئ أو يرسل إليه.
فلما فرغ من المصحف، كتب عثمان إلى أهل الأمصار: إني قد صنعت كذا وكذا، ومحوت ما عندي، فامحوا ما عندكم.
52 - حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس قال: قال ابن شهاب: أخبرني أنس بن مالك الأنصاري، أنه اجتمع في غزوة أذربيجان وأرمينية أهل الشام وأهل العراق، فتذاكروا القرآن واختلفوا فيه حتى كاد يكون بينهم فتنة.
فركب حذيفة بن اليمان لما رأى اختلافهم في القرآن إلى عثمان، فقال: إن الناس قد اختلفوا في القرآن، حتى إني لأخشى أن يصيبهم مثل ما أصاب اليهود والنصارى من الاختلاف! قال: ففزع لذلك فزعا شديدا، فأرسل إلى حفصة، فاستخرج الصحف التي كان أبو بكر أمر زيدا بجمعها، فنسخ منها مصاحف، فبعث بها إلى الآفاق.
53 - حدثني سعيد بن الربيع، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، قال:
قبض النبي (صلى الله عليه وسلم) ولم يكن القرآن جمع، وإنما كان في الكرانيف (1) والعسب (2).
54 - حدثنا سعيد بن الربيع، قال: حدثنا سفيان، عن مجالد، عن الشعبي، عن صعصعة: أن أبا بكر أول من ورث الكلالة (3)، وجمع المصحف.
قال أبو جعفر: وما أشبه ذلك من الاخبار التي يطول باستيعاب جميعها الكتاب والآثار الدالة على أن إمام المسلمين وأمير المؤمنين عثمان بن عفان رحمة الله عليه، جمع المسلمين نظرا منه لهم وإشفاقا منه عليهم ورأفة منه بهم، حذار الردة من بعضهم بعد الاسلام، والدخول في الكفر بعد الايمان، إذ ظهر من بعضهم بمحضره وفي عصره التكذيب ببعض الأحرف السبعة التي نزل عليها القرآن، مع سماع أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) النهي عن التكذيب بشئ منها، وإخباره إياهم أن المراء فيها كفر.
فحملهم - رحمة الله عليه - إذ رأى ذلك ظاهرا بينهم في عصره، وبحداثة عهدهم بنزول القرآن، وفراق رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إياهم، بما أمن عليهم معه عظيم البلاء في الدين من تلاوة القرآن على حرف واحد (4). وجمعهم على مصحف واحد وحرف واحد، وحرق ما عدا