أبو بكر: إن هذا دعاني إلى أمر فأبيت عليه، وأنت كاتب الوحي، فإن تكن معه ابتعتكما، وإن توافقني لا أفعل. قال: فاقتص أبو بكر قول عمر، وعمر ساكت، فنفرت من ذلك وقلت: نفعل (1) ما لم يفعل رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؟ إلى أن قال عمر كلمة: وما عليكما لو فعلتما ذلك؟ قال: فذهبنا ننظر، فقلنا: لا شئ، والله ما علينا في ذلك شئ! قال زيد:
فأمرني أبو بكر، فكتبته في قطع الأدم وكسر الأكتاف والعسب (2).
فلما هلك أبو بكر، وكان عمر (3)، كتب ذلك في صحيفة واحدة، فكانت عنده. فلما هلك، كانت الصحيفة عند حفصة زوج النبي (صلى الله عليه وسلم). ثم إن حذيفة بن اليمان قدم من غزوة كان غزاها في فرج (4) أرمينية، فلم يدخل بيته حتى أتى عثمان بن عفان، فقال: يا أمير المؤمنين أدرك الناس! فقال عثمان: وما ذاك؟ قال: غزوت فرج (4) أرمينية، فحصرها أهل العراق وأهل الشام، فإذا أهل الشام يقرأون بقراءة أبي بن كعب فيأتون بما لم يسمع أهل العراق فتكفرهم أهل العراق، وإذا أهل العراق يقرأون بقراءة ابن مسعود فيأتون بما لم يسمع أهل الشام فتكفرهم أهل الشام.
قال زيد: فأمرني عثمان بن عفان أكتب له مصحفا، وقال: إني مدخل معك رجلا لبيبا فصيحا، فما اجتمعتما عليه فاكتباه، وما اختلفتما فيه فارفعاه إلي! فجعل معه أبان بن سعيد بن العاص.
قال: فلما بلغنا: (إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت) (5) قال زيد: فقلت: التابوه.
وقال أبان بن سعيد: التابوت. فرفعنا ذلك إلى عثمان، فكتب " التابوت ".
قال: فلما فرغت عرضته عرضة، فلم أجد فيه هذه الآية: (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) إلى قوله: (وما بدلوا تبديلا) (6) قال: فاستعرضت المهاجرين أسألهم عنها، فلم أجدها عند أحد منهم. ثم استعرضت الأنصار أسألهم عنها،