جمعوه كذلك لإلحاقهم النبئ بإبدال الهمزة منه ياء بالنعوت التي تأتي على تقدير فعيل من ذوات الياء والواو، وذلك أنهم إذا جمعوا ما كان من النعوت على تقدير فعيل من ذوات الياء والواو جمعوه على أفعلاء، كقولهم ولي وأولياء، ووصي وأوصياء، ودعي وأدعياء، ولو جمعوه على أصله الذي هو أصله، وعلى أن الواحد نبئ مهموز لجمعوه على فعلاء، فقيل لهم النبآء، على مثال النبغاء، لان ذلك جمع ما كان على فعيل من غير ذوات الياء والواو من النعوت كجمعهم الشريك شركاء، والعليم علماء، والحكيم حكماء، وما أشبه ذلك. وقد حكي سماعا من العرب في جمع النبي النبآء، وذلك من لغة الذين يهمزون النبئ، ثم يجمعونه على النبآء على ما قد بينت، ومن ذلك قول عباس بن مرداس في مدح النبي (ص):
يا خاتم النبآء إنك مرسل * بالخير كل هدى السبيل هداكا فقال: يا خاتم النبآء، على أن واحدهم نبئ مهموز. وقد قال بعضهم: النبي والنبوة غير مهموز، لأنهما مأخوذان من النبوة، وهي مثل النجوة، وهو المكان المرتفع. وكان يقول: إن أصل النبي الطريق، ويستشهد على ذلك ببيت القطامي:
لما وردن نبيا واستتب بها * مسحنفر كخطوط السيح منسحل يقول: إنما سمي الطريق نبيا، لأنه ظاهر مستبين من النبوة. ويقول: لم أسمع أحدا يهمز النبي. قال: وقد ذكرنا ما في ذلك وبينا ما فيه الكفاية إن شاء الله.