قال أبو جعفر: يعني بقوله: آمنوا: صدقوا، كما قد قدمنا البيان عنه قبل. ويعني بقوله: بما أنزلت: ما أنزل على محمد (ص) من القرآن. ويعني بقوله: مصدقا لما معكم أن القرآن مصدق لما مع اليهود من بني إسرائيل من التوراة. فأمرهم بالتصديق بالقرآن، وأخبرهم جل ثناؤه أن في تصديقهم بالقرآن تصديقا منهم للتوراة لان الذي في القرآن من الامر بالاقرار بنبوة محمد (ص) وتصديقه واتباعه نظير الذي من ذلك في الإنجيل والتوراة. ففي تصديقهم بما أنزل على محمد تصديق منهم لما معهم من التوراة، وفي تكذيبهم به تكذيب منهم لما معهم من التوراة. وقوله: مصدقا قطع من الهاء المتروكة في أنزلته من ذكر ما. ومعنى الكلام: وآمنوا بالذي أنزلته مصدقا لما معكم أيها اليهود. والذي معهم هو التوراة والإنجيل. كما:
حدثنا به محمد بن عمرو الباهلي، قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا عيسى بن ميمون، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم يقول: إنما أنزلت القرآن مصدقا لما معكم التوراة والإنجيل.
وحدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
وحدثني المثنى، قال: حدثنا آدم، قال: أخبرنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية: وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم يقول: يا معشر أهل الكتاب آمنوا بما أنزلت على محمد مصدقا لما معكم. يقول: لأنهم يجدون محمدا (ص) مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل.
القول في تأويل قوله تعالى: ولا تكونوا أول كافر به.
قال أبو جعفر: فإن قال لنا قائل: كيف قيل: ولا تكونوا أول كافر به والخطاب فيه لجمع وكافر واحد؟ وهل نجيز إن كان ذلك جائزا أن يقول قائل: لا تكونوا أول رجل قام؟ قيل له: إنما يجوز توحيد ما أضيف له أفعل، وهو خبر لجمع، إذا كان اسما مشتقا من فعل ويفعل لأنه يؤدي عن المراد معه المحذوف من الكلام، وهو من، ويقوم مقامه في الأداء عن معنى ما كان يؤدي عنه من من الجمع والتأنيث وهو في لفظ واحد. ألا ترى أنك تقول: ولا تكونوا أول من يكفر به، ف من بمعنى جمع وهو غير متصرف تصرف