فلا تدفنوني إن دفني محرم عليكم ولكن خامري أم عامر فحذف قوله دعوني للتي يقال لها عند صيدها خامري أم عامر، إذ كان فيها أظهر من كلامه دلالة على معنى مراده. فكذلك ذلك في قوله: قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها لما كان فيه دلالة على ما ترك ذكره بعد قوله: إني جاعل في الأرض خليفة من الخبر عما يكون من إفساد ذريته في الأرض اكتفى بدلالته وحذف، فترك ذكره كما ذكرنا من قول الشاعر. ونظائر ذلك في القرآن وأشعار العرب وكلامها أكثر من أن يحصى. فلما ذكرنا من ذلك اخترنا ما اخترنا من القول في تأويل قوله: قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء.
القول في تأويل قوله تعالى: ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك.
قال أبو جعفر: أما قوله: ونحن نسبح بحمدك فإنه يعني: إنا نعظمك بالحمد لك والشكر، كما قال جل ثناؤه: فسبح بحمد ربك وكما قال: والملائكة يسبحون بحمد ربهم وكل ذكر لله عند العرب فتسبيح وصلاة، يقول الرجل منهم: قضيت سبحتي من الذكر والصلاة. وقد قيل إن التسبيح صلاة الملائكة.
حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يعقوب القمي، عن جعفر بن أبي المغير، عن سعيد بن جبير قال: كان النبي (ص) يصلي، فمر رجل من المسلمين على رجل من المنافقين، فقال له: النبي (ص) يصلي وأنت جالس فقال له: امض إلى عملك إن كان لك عمل، فقال: ما أظن إلا سيمر عليك من ينكر عليك. فمر عليه عمر بن الخطاب، فقال له:
يا فلان النبي (ص) يصلي وأنت جالس فقال له مثلها. فقال: هذا من عملي. فوثب عليه فضربه حتى انتهى. ثم دخل المسجد فصلى مع النبي (ص)، فلما انفتل النبي (ص) قام إليه عمر، فقال: يا نبي الله مررت آنفا على فلان وأنت تصلي، فقلت له: النبي (ص) يصلي وأنت جالس فقال: سر إلى عملك إن كان لك عمل. فقال النبي (ص): فهلا ضربت عنقه فقام