أنه لا شئ أكره إلى الله من سفك الدماء والفساد في الأرض ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون فكان في علم الله جل ثناؤه أنه سيكون من ذلك الخليفة أنبياء ورسل، وقوم صالحون، وساكنوا الجنة. قال: وذكر لنا أن ابن عباس كان يقول: إن الله لما أخذ في خلق آدم قالت الملائكة: ما الله خالق خلقا أكرم عليه منا ولا أعلم منا فابتلوا بخلق آدم، وكل خالق مبتلى، كما ابتليت السماوات والأرض بالطاعة فقال الله:
ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين.
وهذا الخبر عن قتادة يدل على أن قتادة كان يرى أن الملائكة قالت ما قالت من قولها: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء على غير يقين علم تقدم منها بأن ذلك كائن ولكن على الرأي منها والظن، وأن الله جل ثناؤه أنكر ذلك من قيلها ورد عليها ما رأت بقوله: إني أعلم ما لا تعلمون من أنه يكون من ذرية ذلك الخليفة الأنبياء والرسل والمجتهد في طاعة الله.
وقد روي عن قتادة خلاف هذا التأويل، وهو ما:
حدثنا به الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: أتجعل فيها من يفسد فيها قال: كان الله أعلمهم إذا كان في الأرض خلق أفسدوا فيها وسفكوا الدماء، فذلك قوله: أتجعل فيها من يفسد فيها. وبمثل قول قتادة قال جماعة من أهل التأويل، منهم الحسن البصري.
حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن جرير بن حازم، ومبارك عن الحسن، وأبي بكر عن الحسن، وقتادة قالا: قال الله لملائكته: إني جاعل في الأرض خليفة قال لهم إني فاعل. فعرضوا برأيهم، فعلمهم علما وطوى عنهم علما علمه لا يعلمونه. فقالوا بالعلم الذي علمهم: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء وقد كانت الملائكة علمت من علم الله أنه لا ذنب أعظم عند الله من سفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون. فلما أخذ في خلق آدم، همست الملائكة فيما بينها، فقالوا: ليخلق ربنا ما شاء أن يخلق، فلن يخلق خلقا إلا كنا أعلم منه، وأكرم عليه منه. فلما خلقه ونفخ فيه من روحه، أمرهم أن يسجدوا له لما قالوا، ففضله عليهم، فعلموا أنهم ليسوا بخير منه، فقالوا: إن لم نكن خيرا منه فنحن أعلم