محل الحال، وفيه إضمار قد، ولكنها حذفت لما في الكلام من الدليل عليها. وذلك أن فعل إذا حلت محل الحال كان معلوما أنها مقتضية قد، كما قال جل ثناؤه: أو جاؤوكم حصرت صدورهم بمعنى: قد حصرت صدورهم. وكما تقول للرجل:
أصبحت كثرت ماشيتك، تريد: قد كثرت ماشيتك.
وبنحو الذي قلنا في قوله: هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا كان قتادة يقول:
حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة قوله: هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا نعم والله سخر لكم ما في الأرض.
القول في تأويل قوله تعالى: ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات.
قال أبو جعفر: اختلف في تأويل قوله: ثم استوى إلى السماء فقال بعضهم:
معنى استوى إلى السماء، أقبل عليها، كما تقول: كان فلان مقبلا على فلان ثم استوى علي يشاتمني واستوى إلي يشاتمني، بمعنى: أقبل علي وإلي يشاتمني. واستشهد على أن الاستواء بمعنى الاقبال بقول الشاعر:
أقول وقد قطعن بنا شرورى * سوامد واستوين من الضجوع فزعم أنه عنى به أنهن خرجن من الضجوع، وكان ذلك عنده بمعنى أقبلن. وهذا من التأويل في هذا البيت خطأ، وإنما معنى قوله: واستوين من الضجوع عندي: استوين على الطريق من الضجوع خارجات، بمعنى استقمن عليه.
وقال بعضهم: لم يكن ذلك من الله جل ذكره بتحول، ولكنه بمعنى فعله، كما تقول:
كان الخليفة في أهل العراق يواليهم ثم تحول إلى الشام، إنما يريد تحول فعله.
وقال بعضهم: قوله ثم استوى إلى السماء يعني به: استوت، كما قال الشاعر:
أقول له لما استوى في ترابه * على أي دين قبل الرأس مصعب