تعلمون أي تعلمون أن الله خلقكم وخلق السماوات والأرض، ثم تجعلون له أندادا.
ذكر من قال: عنى بذلك أهل الكتابين:
حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن رجل، عن مجاهد:
فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون أنه إله واحد في التوراة والإنجيل.
وحدثني المثنى بن إبراهيم، قال: حدثنا قبيصة، قال: حدثنا سفيان عن مجاهد مثله.
وحدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: وأنتم تعلمون يقول: وأنتم تعلمون أنه لا ند له في التوراة والإنجيل.
قال أبو جعفر: وأحسب أن الذي دعا مجاهدا إلى هذا التأويل، وإضافة ذلك إلى أنه خطاب لأهل التوراة والإنجيل دون غيرهم، الظن منه بالعرب أنها لم تكن تعلم أن الله خالقها ورازقها بجحودها وحدانية ربها، وإشراكها معه في العبادة غيره. وإن ذلك لقول ولكن الله جل ثناؤه قد أخبر في كتابه عنها أنها كانت تقر بوحدانيته، غير أنها كانت تشرك في عبادته ما كانت تشرك فيها، فقال جل ثناؤه: ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله، وقال: قل من يرزقكم من السماء والأرض أم من يملك السمع والابصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الامر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون.
فالذي هو أولى بتأويل قوله: وأنتم تعلمون إذ كان ما كان عند العرب من العلم بوحدانية الله، وأنه مبدع الخلق وخالقهم ورازقهم، نظير الذي كان من ذلك عند أهل الكتابين. ولم يكن في الآية دلالة على أن الله جل ثناؤه عنى بقوله: وأنتم تعلمون أحد الحزبين، بل مخرج الخطاب بذلك عام للناس كافة لهم، لأنه تحدى الناس كلهم بقوله:
يا أيها الناس اعبدوا ربكم أن يكون تأويله ما قاله ابن عباس وقتادة، من أنه يعني بذلك كل مكلف عالم بوحدانية الله، وأنه لا شريك له في خلقه يشرك معه في عبادته غيره، كائنا من كان من الناس، عربيا كان أو أعجميا، كاتبا أو أميا، وإن كان الخطاب لكفار أهل الكتاب الذين كانوا حوالي دار هجرة رسول الله (ص)، وأهل النفاق منهم وممن بين