وحدثنا الحسن بن يحيى، قال: أنبأنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: فأتوا بسورة من مثله يقول: بسورة مثل هذا القرآن.
وحدثني محمد ابن عمرو الباهلي، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى بن ميمون، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد: فأتوا بسورة من مثله مثل القرآن.
وحدثنا المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مثله.
وحدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: فأتوا بسورة من مثله قال: مثله، مثل القرآن.
فمعنى قول مجاهد وقتادة اللذين ذكرنا عنهما، أن الله جل ذكره قال لمن حاجه في نبيه (ص) من الكفار: فأتوا بسورة من مثل هذا القرآن من كلامكم أيتها العرب، كما أتى به محمد بلغاتكم ومعاني منطقكم.
وقد قال قوم آخرون: إن معنى قوله: فأتوا بسورة من مثله: من مثل محمد من البشر، لأنه محمدا بشر مثلكم.
قال أبو جعفر: والتأويل الأول الذي قاله مجاهد وقتادة هو التأويل الصحيح لان الله جل ثناؤه قال في سورة أخرى: أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله.
ومعلوم أن السورة ليست لمحمد بنظير ولا شبيه، فيجوز أن يقال: فأتوا بسورة مثل محمد.
فإن قال قائل: إنك ذكرت أن الله عنى بقوله: فأتوا بسورة من مثله من مثل هذا القرآن، فهل للقرآن من مثل فيقال: ائتوا بسورة من مثله؟ قيل: إنه لم يعن به: ائتوا بسورة من مثله في التأليف والمعاني التي باين بها سائر الكلام غيره، وإنما عنى: ائتوا بسورة من مثله في البيان لان القرآن أنزله الله بلسان عربي، فكلام العرب لا شك له مثل في معنى العربية فأما في المعنى الذي باين به القرآن سائر كلام المخلوقين، فلا مثل له من ذلك الوجه ولا نظير ولا شبيه. وإنما احتج الله جل ثناؤه عليهم لنبيه (ص) بما احتج به له عليهم من القرآن، إذ ظهر عجز القوم عن أن يأتوا بسورة من مثله في البيان، إذ كان القرآن بيانا مثل بيانهم، وكلاما نزل بلسانهم، فقال لهم جل ثناؤه: وإن كنتم في ريب من أن ما أنزلت على