على أن الذي توصف به أنهار الجنة أنها جارية في غير أخاديد (1). كما:
425 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا الأشجعي، عن سفيان، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، عن مسروق، قال نخل الجنة نضيد من أصلها إلى فرعها، وثمرها أمثال القلال (2)، كلما نزعت ثمرة عادت مكانها أخرى، وماؤها يجري في غير أخدود.
* - وحدثنا مجاهد، قال: حدثنا يزيد، قال: أخبرنا مسعر بن كدام، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة بنحوه.
* - وحدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا ابن مهدي، قال: حدثنا سفيان، قال:
سمعت عمرو بن مرة يحدث عن أبي عبيدة، فذكر مثله. قال: فقلت لأبي عبيدة: من حدثك، فغضب وقال: مسروق.
فإذا كان الامر كذلك في أن أنهارها جارية في غير أخاديد، فلا شك أن الذي أريد بالجنات أشجار الجنات وغروسها وثمارها دون أرضها، إذ كانت أنهارها تجري فوق أرضها وتحت غروسها وأشجارها، على ما ذكره مسروق. وذلك أولى بصفة الجنة من أن تكون أنهارها جارية تحت أرضها. وإنما رغب الله جل ثناؤه بهذه الآية عباده في الايمان وحضهم على عبادته، بما أخبرهم أنه أعده لأهل طاعته والايمان به عنده، كما حذرهم في الآية التي قبلها بما أخبر من إعداده ما أعد لأهل الكفر به الجاعلين معه الآلهة والأنداد من عقابه عن إشراك غيره معه، والتعرض لعقوبته بركوب معصيته وترك طاعته.
القول في تأويل قوله تعالى: (كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها).
قال أبو جعفر: يعني بقوله: (كلما رزقوا منها) من الجنات، والهاء راجعة على " الجنات "، وإنما المعني أشجارها، فكأنه قال: كلما رزقوا من أشجار البساتين التي أعدها الله للذين آمنوا وعملوا الصالحات في جناته من ثمرة من ثمارها رزقا قالوا: هذا الذي رزقنا من قبل.
ثم اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: (هذا الذي رزقنا من قبل) فقال بعضهم: