وأجيب أيضا بأن معنى " لا يأتيه الباطل " لا يعرض لهذا القرآن الباطل لا قبل وجوده في الزمان السابق عليه ولا بعد وجوده فيما يستقبل من الزمان. لأن القائل بإسقاط آيات من القرآن لا يقول ببطلان ما بقي بين الدفتين بسبب السقوط منه، بل هو يعتبره قرآنا ونورا يجب العمل به، ولا فرق بينه وبين ذلك الكامل في أي أثر أو كرامة واحترام، كما تقدم.
2 - هناك طوائف من الأحاديث الكثيرة الدالة على أن ما بين الدفتين تمام ما انزل، من دون نقيصة أو تحريف، وهي:
الطائفة الأولى: الأخبار الواردة في بيان الثواب لسور القرآن الكاشفة عن عدم تحريف السور لأنه لا معنى للثواب على قراءة السور المحرفة.
الثانية: الأخبار الدالة على لزوم عرض الأخبار مطلقا، أو عند تعارضها على كتاب الله، حيث إنه لا معنى لعرض الأخبار على القرآن المحرف، مما يكشف عن صحته وعدم وقوع التحريف فيه.
الثالثة: الأخبار الدالة على وجوب التمسك بالقرآن، كقوله (صلى الله عليه وآله): إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي (1). وأسانيدها لا تقبل المناقشة عند أحد من المسلمين. فلو كان الكتاب محرفا لما كان للتمسك به معنى.
ولكن من الواضح أن هذه الأخبار جميعها على اختلاف طوائفها إنما صدرت لإعطاء الحجية للكتاب الموجود بين الدفتين، ولكنها لا تدل على أنه تمام ما انزل من دون وقوع نقص فيه، إذ لا منافاة بين النقص والحجية. والقائلون بالتحريف والنقص يقولون بحجية وقرآنية ما بين الدفتين كما تقدم، وستأتي بعض الأخبار الدالة على حجيته.
3 - إنه لو سقط من القرآن لم تبق ثقة في الرجوع إليه.