ما تنكر؟ ألسنا نقرأه على قراءة ابن مسعود فغضب حذيفة ومن وافقه وقالوا إنما أنتم أعراب فاسكتوا فإنكم على خطأ وقال حذيفة والله لئن عشت لآتين أمير المؤمنين ولأشيرن عليه أن يحول بين الناس وبين ذلك فأغلظ له ابن مسعود فغضب سعي وقام وتفرق الناس وغضب حذيفة وسار إلى عثمان فأخبره بالذي رأى وقال أنا النذير العريان فأدركوا الأمة. فجمع عثمان الصحابة وأخبرهم الخبر فأعظموه ورأوا جميعا ما رأى حذيفة.
فأرسل عثمان إلى [من] حفصة بنت عمر أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها وكانت هذه الصحف هي التي كتبت في أيام أبي بكر فإن القتل لما كثر في الصحابة يوم اليمامة قال عمر لأبي بكر إن القتل قد كثر واستحر بقراء القرآن يوم اليمامة وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء فيذهب من القرآن كثير وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن؛ فأمر أبو بكر زيد بن ثابت فجمعه من الرقاع والعسب وصدور الرجال فكانت الصحف عند أبي بكر ثم عند عمر فلما توفي عمر أخذتها حفصة فكانت عندها فأرسل عثمان إليها أخذها منها وأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف وقال عثمان إذا اختلفتم فاكتبوها بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم. ففعلوا فلما نسخوا الصحف ردها عثمان إلى حفصة وأرسل إلى كل أفق بمصحف وحرق ما سوي ذلك وأمر أن يعتمدوا عليها ويدعوا ما سوي ذلك فكل الناس عرف فضل هذا الفعل إلا ما كان من أهل الكوفة فإن المصحف لما قدم عليهم فرح به أصحاب النبي وإن أصحاب عبد الله ومن وافقهم امتنعوا من ذلك وعابوا الناس فقام فيهم ابن مسعود وقال ولا كل ذلك فإنكم والله قد سبقتم سبقا بينا فاربعوا على ظلعكم ولما قدم على الكوفة قام إليه رجل فعاب عثمان يجمع الناس على المصحف فصاح وقال أسكت فعن ملأ منا فعل ذلك فلو وليت منه ما ولي عثمان لسلكت سبيله.