وربما يورد سؤال آخر أيضا هنا وهو: ماذا نصنع بالرواية المتقدمة الدالة على أن عثمان هو الذي رتب سور المصحف؟
والرواية هي: ما سبق عن أحمد في مسنده: من أن ابن عباس قال لعثمان: ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني، وإلى براءة وهي من المئين، فقرنتم بينهما ولم تكتبوا (أي بسم الله الرحمن الرحيم) - إلى أن قال عثمان: - كانت الأنفال من أوائل ما نزل بالمدينة، وكانت براءة من آخر القرآن نزولا، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، فظننت أنها منها، فقبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم يبين لنا أنها منها، فمن أحل ذلك قرنت بينهما... الخ (1).
أما الجواب عن السؤال الأول: فبما قيل من أن اختلاف الجامعين في ترتيب سور القرآن لعله كان قبل وقوفهم على أنه أمر توقيفي، ولابد وأن يؤخذ من النبي (صلى الله عليه وآله)، وقبل أمر النبي (صلى الله عليه وآله) بتأليف القرآن من الرقاع، فهم رتبوا ما سمعوه من النبي (صلى الله عليه وآله) لأنفسهم بحسب آرائهم، وأما بعد تأليف القرآن من الرقاع بأمر الرسول (صلى الله عليه وآله) ومعرفتهم بترتيبه له لجميع المسلمين على هذا النحو فالواجب عليهم متابعته في ذلك أيضا.
وأما عن السؤال الثاني: فبما قيل أيضا من أن الحديث ضعيف، لأن في السند يزيد الفارسي الذي عده البخاري في الضعفاء، وعن الشيخ أحمد شاكر في تعليقه له على هذا الحديث أنه حديث لا أصل له (2).
ويزيد الرواية ضعفا ما ورد عن أبي هلال حدثنا مالك بن دينار عن يزيد الفارسي كاتب عبيد الله بن زياد...
فالرجل إذا لا يبالي أن يكون من أعوان حتى قتلة الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام).
هذا في سند الحديث، وأما في دلالته على ما نحن بصدده فهي أيضا محل