وقد علمنا أن ما يفعله منها في الوقت يسقط عن ذمته وجوبها بالاجماع، ولم نعلم أن ما فعله قبل دخول الوقت مسقطا عن ذمته ما تنقلها 1، فيجب عليه أن يفعل الصلاة في وقتها ما يعلم به براءة ذمته من وجوبها.
وما يرويه أصحابنا فيما يخالف ما ذكرناه من أخبار الآحاد لا يتعبد به، لأنه ليس بحجة ولا موجب علما.
ولو قامت دلالة على أن من صلى بعض الصلاة، أو كلها قبل دخول الوقت أجزأه، ولم يجب عليه الإعادة لجاز ذلك عندنا، ولم يكن مخالفا لقانون الشرع.
فلا خلاف بين أصحابنا في أن من اجتهد في جهة القبلة وصلى، ثم تبين له بعد خروج الوقت أنه أخطأها وصلى إلى غيرها، فإنه لا إعادة عليه، وأن صلاته الماضية مجزية عنه، إذا كان ما استدبر القبلة.
وقال أبو حنيفة ومالك وهو أحد قولي الشافعي: إنه لا إعادة عليه على كل حال. ولم يفرقوا بين الخطأ بالاستدبار أو اليمين أو اليسار.
فما هذا التعجب من الرواية الواردة بإجزاء هذه الصلاة؟ ونحن كنا وفقهاء العامة نقول في جهة القبلة مثل ذلك بعينه، ونحن نعلم أن القبلة شرط في الصلاة كالوقت.
فإذا جاز أن يقوم الخطأ مع الاجتهاد في القبلة مقام الصواب، ويقال: إن فرضه أداه اجتهاده إلى سمت بعينه هو ذلك السمت دون غيره.
فلم لا أجاز أن يقال أيضا: إن فرضه إذا اجتهد فأداه اجتهاده إلى دخول الوقت هو إيقاع الصلاة فيه، فما فعل إلا ما هو فرضه في الحال، وإن ظهر له في المستقبل خلافه، كما لو ظهر له في جهة القبلة خلاف اجتهاده.
.