فإن كثيرا من الناس أجازوا ركوب البهائم عقلا من غير افتقار إلى سمع، وقال: إذا تكفلنا لها بما تحتاج إليه من غذاء وديار ومصلحة، ربما كانت لها فائدة لولا تكفلنا جاز أن ندخل عليها ضرر الركوب، لأنه يسير في جنب ما نتحمله من منافعها.
والإذن السمعي في إدخال الضرر عليها مؤذن بأن المبيح لذلك هو التكفل بالعوض عنه، فقتل البهائم الذي 1 لا أذية منها لا يجوز على وجه، لأن السمع لم يبحه. وكذلك ما يؤذي أذى يسيرا متحملا كالنمل وما أشبهه، فإن المؤذيات من البهائم المضرات مباح قتلها كالسباع والأفاعي.
ويجب القصد إلى قتلها والاعتماد له، دون القصد إلى المدافعة، لأن بالإباحة قد صار القتل حسنا، والقصد إلى الحسن حسن، كما يقصد إلى ذبح الحيوان المأكول وإن لم يكن مؤذيا، لأن بالإباحة قد صار إتلافه حسنا، وإنما يوجب القصد إلى المدافعة إلى الضرر في من يقصد إلى إيقاع الضرر بنا، لأن القصد إلى الاضرار به يكون قبيحا، لأنه إرادة الظلم، فإذا قصدنا المدافعة ودفع الضرر غير مقصود لم يكن ظلما.
ويحسن منا أن نقتل السباع والأفاعي وإن لم نخف ضررها في الحال ولم يقصدنا بأذية، لأن الإباحة تضمنت ذلك.
وإنما نفرق بين قتل الحية وما أشبهها في الصلاة، فنقول: إذا خاف المصلي من ضرر الحية وقصدها له جاز أن يقتلها في الصلاة، لأنه فعل كثير لا يستباح في الصلاة إلا عن ضرورة. وليس ذلك معتبرا في قتل السباع والأفاعي في غير الصلاة.
.