فإن صاروا إلى قول جهم، قيل لهم: إذا جاز عندكم أن يعذب الله العباد على ما لم يكن منهم بل يعذبهم على ما اضطرهم إليه وحملهم [عليه] 1 فما أنكرتم أن يعذبهم على ألوانهم وصورهم وطولهم وقصرهم.
فإن قالوا بذلك، قيل لهم: فلم لا يجوز أن يعذبهم من خلقهم وخلق السماوات والأرض. فإن قالوا بذلك سقطت مؤنتهم ولم يؤمنوا لعل الله سيعذب قوما على ما ذكرنا، وإن قالوا: لا يجوز أن يعذبهم على ما ذكرتم. قيل لهم: فما أنكرتم أن يجوز أن يعذبهم على ما اضطرهم إليه وأجبرهم عليه.
ويقال لهم إن صاروا إلى قول جهم: إذا زعمتم أن لا فاعل إلا الله فما أنكرتم أن يكون لا قائل إلا الله؟ فإن قالوا بذلك: قيل لهم فما أنكرتم أن يكون هو القائل إني ثالث ثلاثة: وأن لي ولدا: وهو الكاذب بقول الكاذب، ولزمهم أن يكون 2 جميع أخباره كذبا، وإن قالوا لا يجب أن يكون لا قائل إلا الله لأن هذا يوجب أنه ظالم عابث إذ لم يفعل الظلم والعبث غيره.
وإن امتنع القوم من أن يقولوا أنه اضطرهم 3 إلى الكفر. قيل لهم: فما أنكرتم أن لا يكون قد خلق فيهم الكفر كما لم يضطرهم إليه ويحملهم عليه.
ويقال لهم: أليس الله تعالى خلق الكفر والايمان، وأمر بالايمان ونهى عن الكفر، وثاب على الإيمان وعاقب على الكفر؟ فإذا قالوا: نعم، قيل لهم فقد أمر الله تعالى العباد أن يفعلوا خلقه ونهاهم وغضب من خلقه لأن الله تعالى غضب من الكفر [وسخط] 4 وهو خلقه. فإن قالوا بذلك قيل لهم: فلم