قضى أعمالكم؟ قيل له: إن الله تعالى قضى الطاعة إذ أمر بها ولم يقض الكفر والفجور والفسوق.
فإن قال: فما الدليل على ما قلتم؟ قيل له: من الدليل على ذلك قول الخالق الصادق عز وجل: (والله يقضي بالحق وهو خير الفاصلين) 1 فعلمنا أنه يقضي بالحق ولا يقضي بالباطل، لأنه لو جاز أن يتمدح بأنه يقضي بالحق وهو يقضي غير الحق ويقضي بالباطل لجاز أن يقول: والله يقول الحق وهو يقول غير الحق، فلما كان قوله والله يقول الحق دليلا على أنه لا يقول غير الحق كان قوله يقضي الحق دليلا على أنه لا يقضي غير الحق. ويدل على ذلك قوله تعالى: (والله يقضي الحق) 2، فعلمنا أنه يقضي بالحق ولا يقضي بالجور.
ويدل على ذلك أيضا قوله تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا) 3، فعلمنا أنه لم يقض عبادة الأصنام والأوثان ولا عقوق الوالدين.
ومما يبين ذلك أيضا أن الله أوجب علينا أن نرضى بقضائه ولا نسخطه، وأوجب علينا أن نسخط الكفر ولا نرضاه، فعلمنا أن الكفر ليس من قضاء ربنا. ومما يبين ذلك أن الله تعالى أوجب علينا أن ننكر المنكر وأن نمنع الظلم، فلو كان الظلم من قضاء ربنا كان أوجب علينا أن ننكر قضاءه وقدره، فلما لم يجز أن يوجب الله تعالى إنكار قضائه ولا رد قدره، علمنا أن الظلم ليس من قضائه ولا قدره. وأيضا قال الله تعالى في كتابه : (ويقتلون النبيين بغير الحق) 4 وقال:
.