عليهم السلام من يفضل كل واحد [منهم] 1 على كل واحد من الملائكة، لأن الخلاف إنما هو في فضل كل بني آدم 2 على كل ملك. وغير ممتنع أن يكون جميع الملائكة فضلاء يستحق كل واحد منهم الجزيل الكثير 3 من الثواب، فيزيد ثواب جميعهم على ثواب جميع بني آدم، لأن الأفاضل من بني آدم أقل عددا، وإن كان في بني آدم آحاد كل منهم أفضل من كل واحد من الملائكة.
ووجه آخر مما يمكن أن يقال في هذه الآية أيضا: إن مفهوم الآية إذا تؤملت يقتضي أنه تعالى لم يرد الفضل الذي هو زيادة الثواب، وإنما أراد النعم والمنافع الدنيوية. ألا ترى قوله تعالى: (ولقد كرمنا بني آدم)، والكرامة إنما هي الترفيه وما يجري مجراه. ثم قال: (وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات).
ولا شبهة في أن الحمل لهم في البر والبحر ورزق الطيبات خارج عما يستحق به الثواب، ويقتضي التفضيل الذي وقع الخلاف فيه، فيجب أن يكون ما عطف عليه من التفضيل دخلا في هذا الباب وفي هذا القبيل، فإنه أشبه من أن يراد به غير ما سياق الآية وارد به مبني عليه. وأقل الأحوال أن تكون لفظة (فضلناهم) محتملة للأمرين، فلا يجوز الاستدلال بها على خلاف ما تذهب إليه.