يتراوحون اثنين اثنين فينزفون إلى الليل ربما يشعر بعدم الرخصة في ترك العمل أثناء ذلك اليوم ولا يخفى انه لا دلالة في الحديث على أن القوم المذكورين أربعة لا أزيد فلعل اقتصار الأصحاب في كتب الفروع على الأربعة بناء على أقل ما يحصل به تراوح اثنين والعلامة في المنتهى على اجزاء الأقل من الأربعة ان ينقص نزحهم عن الأربعة ولم يرتضه شيخنا في الذكرى اما الزائد عليها فمقتضى الحديث اجزاء تراوحهم وقيده شيخنا في الذكرى بما إذا لم يحصل زيادة فترة وتراخ بسبب الكثرة وهو غير بعيد لكن استدلاله طاب ثراه على اجزاء ما فوق الأربعة بمفهوم الموافقة غير سديد فإنه يستفاد من تناول لفظ القوم لما فوقها وليس هذا مفهوم موافقة ولعل مراده رحمه الله انه إذا ثبت بالحديث اجزاء الأربعة ثبت اجزاء ما فوقها بمفهوم الموافقة مع قطعنا النظر عن تناول القوم له هذا وقد يستفاد مما تضمنه الحديث من لفظ القوم عدم اجراء النساء ولا الخناثى ولا الملفق لاختصاص القوم بالرجال ويؤيده قوله تعالى لا يسخر قوم من قوم ولا نساء من نساء لكن صرح صاحب القاموس وغيره باطلاق القوم على النساء أيضا ومن ثم قيل بالاجتزاء بهن وهو غير بعيد وشرط بعض الأصحاب في الاجتزاء بهن عدم قصور نزحهن عن نزح الرجال وهو كما ترى فإنه إذا صدق عليهن اسم القوم حصل الامتثال بنزحهن سواء ساوى نزح الرجال أو قصر عنه وما تضمنه الحديث الثاني عشر من نزح سبعين لموت الانسان مما أطبق عليه القائلون بوجوب النزح والحق بعضهم به ما لو وقع فيه ميتا غير مغسل غسلا تاما وهو محتمل والانسان بعمومه يتناول الصغير والكبير والذكر والأنثى والمسلم والكافر وخصه ابن إدريس بالمسلم وقال إن الكافر ينزح لموته الجميع بناء على وجوب الجميع بملاقاته حيا لأنه مما لا نص فيه وما لا نص فيه ينزح له الكل بملاقاته حيا وقوله مما لا نص فيه يدفعه تناول الانسان للمسلم والكافر فإنه يجري مجرى النطق بهما وإذا ثبت الاكتفاء بالسبعين في موته في البئر المقتضي لمباشرته حيا وميتا وجب الاكتفاء بها مع مباشرته حيا فقط بطريق أولى ولا يخفى ان هذا الكلام يعطي ان خلاف ابن إدريس فيما إذا مات في البئر لا إذا سقط ميتا لكن كلام العلامة في المختلف يعطي الثاني فإنه قال في الرد عليه ان نجاسة الكافر حيا انما هو بسبب اعتقاده وهو منفي بعد الموت هذا كلامه وأنت خبير بان القائل ان يقول إن هذه النجاسة لا تزول بمجرد زوال الاعتقاد الباطل بل لا بد في زوالها من طريان اعتقاد اخر مع الاقرار باللسان ولو كان مجرد الخلو عن الاعتقاد الباطل مطهرا للزم طهارة الكافر حال النوم والاغماء والجنون ونحوها فتأمل وما تضمنه من نزح دلو واحد للعصفور هو قول الشيخين واتباعهما والحق بعضهم بالعصفور ما دون الحمامة من الطيور والأولى اقتصارهم على ما يسمى عصفورا في العرف والظاهر أنه لا فرق بين ذكره وأنثاه وان فرق أهل اللغة بينهما بالحاق الهاء ولنرجع إلى تفسير الحديث فنقول الإشارة في قوله عليه السلام هذا إذا كان ذكيا إلى نزح الدلاء واسم كان يعود إلى الواقع في البئر والمراد بالذكي المذكى أعني المذبوح والغرض ان نزح الدلاء انما يجزى إذا كان الواقع في البئر حال الوقوع مذكا لا ميتا ولا حيا ثم يموت فيه وقوله عليه السلام فهو هكذا تأكيد لمضمون هذا الكلام وقوله عليه السلام فأكثره الانسان بالثاء المثلثة وربما يصحف بالباء الموحدة والمجرور فيه يعود إلى ما سوى المذكى والمراد فأكثره نزحا الانسان وهو كذلك فان نصابه العددي في النزح أكثر من سائر الحيوانات وانما قيدنا بالعددي لنخرج النزح التراوحي ونزح الماء كله ونزح الكر والله سبحانه اعلم الفصل السادس في ذكر نبذة
(١٢٤)