في الحديث الخامس من عطف العام على الخاص والأذى في الحديث السادس لعل المراد به اذى لا يتحمل مثله في العادة وما دل عليه الحديث السابع والثامن من جواز السجود على القرطاس نقل بعض علمائنا الاجماع عليه فيكون قد خرج بالنص والاجماع عن الأصل المقرر من عدم جواز السجود على أمثاله وذلك لتركبه من جزءين لا يجوز السجود عليهما أعني النورة والقطن والكتان أو الحرير ولم يحصل للجميع بالامتزاج حالة توجب لحوقه بالأرض ويلوح من كلام شيخنا في الذكرى عدم تحقق الاجماع على جواز السجود عليه فإنه قال وفي النفس من القرطاس شئ من حيث اشتماله على النورة الا ان نقول الغالب جوهر القرطاس أو نقول جمود النورة يرد إليها اسم الأرض انتهى وناقشه شيخنا المحقق الشيخ علي أعلى الله قدره بان أغلبية جوهر القرطاس مع أن اجزاء النورة منبشة فيه لا تفيده وان القول بعود النورة أرضا بجمودها في غاية البعد وانه لا وجه للاشكال بعد ورود النص وطباق الأصحاب هذا كلامه والظاهر أن توقف شيخنا الشهيد طاب ثراه في ذلك مبنى على عدم تحقق الاجماع عنده كما قلناه والا فلا معنى للتوقف وما تضمنه الحديث التاسع من كراهة السجود على قرطاس عليه كتابة مشهور بين الأصحاب واستشكل شيخنا في الذكرى بان أجرام الحبر مشتملة غالبا على شئ من المعادن ثم قال الا ان يكون هناك بياض يصدق عليه الاسم قال وربما يخيل ان لون الحبر عرض والسجود انما هو على القرطاس وليس بشئ لان العرض لا يقوم بغير حامله والمداد أجسام محسوسة مشتملة على اللون انتهى ثم كراهة السجود على المكتوب هل تشمل الأمي والقاري وما إذا كان هناك مانع من البصر كالظلمة مثلا أم لا كلام الشيخ في المبسوط يعطي الاختصاص بالقاري الغير الممنوع من الرؤية واطلاق النص يقتضي الشمول وما تضمنه الحديث العاشر من تعليله عليه السلام المنع من السجود على الزجاج بكونه من الملح والرمل وهما ممسوخان ربما يؤذن بالمنع من السجود على الرمل والحمل على الكراهة محتمل وفي كلام كثير من الأصحاب تخصيص الرمل الذي يكره السجود عليها بالمنهال ولعل الاطلاق أولى و الظاهر أن ورود النص بكون الرمل ممسوخا هو المقتضي لحكم علمائنا بكراهة التيمم به وفي كلام بعض الأصحاب انه لم يقف في ذلك على اثر وهو كما ترى وقد دل الحديث الحادي عشر على جواز افتراش الحرير للرجل وستسمع الكلام فيه في الفصل الثالث من المقصد الآتي انشاء الله تعالى وما تضمنه الحديث الثالث عشر من قوله عليه السلام في المصلى فإن كان من نبات الأرض فلا بأس بالقيام عليه والسجود عليه ربما يحتج باطلاقه من جانب السيد المرتضى رض على ما ذهب إليه في بعض رسائله من جواز السجود على ثوب منسوج من قطن أو كتان ويؤيده روايات متكثرة لكنها غير نقية السند كما رواه داود الصرمي قال سألت أبا الحسن الثالث عليه السلام هل يجوز السجود على القطن والكتان من غير تقية فقال جائز وما رواه منصور بن حازم عن غير واحد من أصحابه قال قلت لأبي جعفر عليه السلام انا نكون بأرض باردة يكون فيها الثلج أفنسجد عليه فقال لا ولكن اجعل بينك وبينه شيئا قطنا أو كتانا وما رواه الحسين بن علي بن كيسان الصنعاني قال كتبت إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام أسأله عن السجود على القطن والكتان من غير تقية ولا ضرورة فكتب إلي ذلك جايز وما رواه ياسر الخادم قال مر بي أبو الحسن عليه السلام وانا أصلي على الطبري وقد ألقيت عليه شيئا اسجد عليه فقال لي مالك لا تسجد عليه أليس هو من نبات الأرض والسيد المرتضى رض عمل بهذه الروايات وحمل الروايات الدالة على المنع كالحديث الرابع عشر وغيره على الكراهة والشيخ رحمه الله حمل رواية الصرمي على ما إذا كان هناك ضرورة من برد ونحوهما وجعل رواية ابن حازم مبينة
(١٦٩)