بعد ما عرفه بأنه عبارة عن أن يأتي المتكلم بلفظة مشتركة بين معنيين متوسطة بين قرينتين يستخدم كل قرينة منهما معنى من معنيي تلك اللفظة وقد جاء في الكتاب العزيز من ذلك قوله تعالى لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى الآية فاستخدم سبحانه لفظة الصلاة لمعنيين أحدهما إقامة الصلاة بقرينة قوله سبحانه حتى تعلموا ما تقولون والاخر موضع الصلاة بقرينة قوله جل شأنه ولا جنبا الا عابري سبيل انتهى كلامه وهو كلام حسن في ذاته ولا يضره عدم اشتهار الاستخدام بهذا المعنى بين المتأخرين من علماء المعاني ثم لا يبعد تنزيل ما تضمنه الحديث الذي نحن فيه على هذا الوجه فان كلام الإمام عليه السلام لا يأباه كما لا يخفى والله أعلم بحقايق كلامه وما تضمنه الحديث التاسع من أن الجنب والحايض لا يضعان شيئا في المسجد محمول عند أكثر الأصحاب على التحريم وعند سلار على الكراهة والعمل على المشهور والظاهر أنه لا فرق في الوضع بين كونه من خارج المسجد أو داخله وما تضمنه الحديث العاشر من تيمم المحتلم في أحد المسجدين هو المعروف بين الأصحاب رضي الله عنهم وقول ابن زهرة رحمه الله استحبابه ضعيف وعطفه عليه السلام إصابة الجنابة على الاحتلام بالفاء من تفريع المسبب على السبب إذ حقيقة الاحتلام ان يرى الانسان في منامه شيئا وليس معناه ان يريق المني في حال النوم كما يتبادر إلى بعض الافهام ولو كان معناه ذلك لصح التفريع أيضا إذ الجنابة اثر مترتب على خروج المني لا نفس خروجه هذا وقد اختلف مسلك الأصحاب في العمل بهذا الحديث فبعضهم لم يتجاوز عما دل عليه لفظه فقصر الحكم على المحتلم ولم يجوز له الغسل وان تمكن منه في المسجد وكان في الكثير وقصر زمانه عن زمان التيمم ومنهم من عدى الحكم إلى كل مجنب مستندا بعدم تعقل الفرق وأوجب الغسل إذا ساوى زمانه زمان التيمم أو قصر عنه ولم يلزم منه تنجيس المسجد أو شئ من آلاته نظرا إلى أن الحكم بالتيمم في الحديث مبنى على ما هو الغالب من عدم الماء في المسجدين وعملا بما هو المعروف من عدم مشروعيته مع القدرة على استعمال الماء وكان والدي قدس الله روحه يميل إلى هذا ويقويه وظني ان الوقوف مع النص أقرب إلى الصواب والله أعلم بحقايق احكامه وعموم قوله عليه السلام في الحديث الحادي عشر يقرؤن ما شاءوا مخصوص في الثلاثة الأول بغير العزائم وقس عليه اطلاق الحديث الثاني عشر وتحريم العزائم وابعاضها مما اتفق عليه الأصحاب وانما اختلفوا فيما عداها فالمنقول عن سلار رضي الله عنه التحريم مطلقا وعن ابن البراج تحريم الزيادة على سبع آيات والأصح ما عليه الأكثر من جواز ما عدا العزائم بل نقل عليه الشيخ والمحقق والمرتضى رضي الله عنهم الاجماع وهذان الحديثان صريحان فيه والحديث الثالث عشر يدل على استحباب غسل اليد للجنب إذا أراد الاكل وأفضلية الوضوء وقوله عليه السلام انا لنكسل اي نتثاقل عن الوضوء لعله مقول على السنة الحاضرين والمراد انكم تكسلون عن الوضوء وتتساهلون في فعله إذا أكلتم وأنتم جنب فينبغي إذا تكاسلتم في ذلك أن لا تتكاسلوا عن غسل اليد والحديث الرابع عشر يدل على استحباب المضمضة وغسل الوجه أيضا ولعل ذلك قائم مقام الوضوء والأولى عدم الفصل الكثير بين هذه الأفعال وبين الأكل والشرب بحيث لا يبقى بينهما ارتباط في العادة قاله بعض الأصحاب وهو جيد والحديث الخامس عشر و السادس عشر هما المستند في كراهة نوم الجنب حتى يغتسل أو يتوضأ وكأنه عليه السلام أراد بقوله لا يدري ما يطرقه من البلية ان موته في تلك النومة غير بعيد فيمكن إذا نام قبل الغسل ان يموت جنبا والحديث السابع عشر يدل على أن فتح الجنب والحايض المصحف ينبغي ان يكون من وراء حائل كالكم ونحوه وقيل؟ تعدية الحكم إلى مس الجلد أيضا وان لم يكن معه فتح و
(٤٥)