هي نقطة تقاطع الأفق والدائرة المارة بسمتي رأسي البلد ومكة في جهتها والخط الواصل بين هذه النقطة ومركز الأفق يسمى عندهم خط سمت القبلة وهو سهم القوس التي تنبئ عليها أساس المحراب فالمصلي إذا جعله بين قدميه ساجدا عليه يكون قد صلى على محيط دائرة أرضية مارة بموضع سجوده وما بين قدميه ووسط الكعبة زادها الله شرفا ثم البلد بالنسبة إلى مكة المشرفة لا يخلو من إحدى حالات ثمان لأنه اما ان يكون أقل منها طولا وعرضا معا أو أكثر كذلك أو أقل طولا وأكثر عرضا أو بالعكس أو مساويا لها طولا وعرضه أقل أو أكثر فإن كان البلد أقل طولا فمكة شرقية عنه سواء ساواهما عرضا أو زاد أو نقص وان كان أكثر طولا فهي غربية عنه سواء تساويا عرضا أو اختلفا وان ساوى مكة طولا فقبلته نقطة الجنوب ان زاد عرضا ونقطة الشمال ان نقص فكل بلد من هذا القبيل اي يساوي طوله طول مكة كالموصل مثلا فلا حاجة في تعيين سمت قبلته إلى العمل بشئ من القواعد الهيوية لوقوعه مع مكة تحت دائرة نصف نهار واحدة فخط سمت قبلته خط نصف النهار لا محالة وربما يظن أن كل بلد يساوي عرضه عرض مكة فهو غير محتاج في تعيين سمت قبلته إلى شئ من تلك القواعد أيضا بل قبلته نقطة مغرب الاعتدال ان زاد طولا ونقطة مشرقه ان نقص لوقوعه مع مكة تحت أول سموت واحدة فخط سمت قبلته خط المشرق والمغرب لا محالة وهذا لظن باطل واتحاد أول سموته بأول سموت مكة محال لان غاية ميلها إلى المعدل نقطتان لا أربع ولتزايد قرب قسيها الأربع إلى المعدل في جانبي سمت الرأس والقدم فيلزم اتحاد المختلفين طولا أو اختلاف المتفقين عرضا ولأن مماستها للمدار اليومي المار بالبلدين على أزيد من نقطة ظاهر الامتناع فظهر من هذا ان نقطة سمت القبلة في هذا القسم شمالية عن أول سموت البلد واقعة عن يمين المتوجه إلى مغرب الاعتدال ان زاد طول البلد وعن يسار المتوجه إلى مشرق الاعتدال ان نقص فالأقسام المحتاج فيها إلى العمل بتلك القواعد ستة لا أربعة إذا تقرر ذلك فاعلم أن الطرق التي أوردها علماء الهيئة في استخراج سمت القبلة كثيرة جدا والأليق بهذا الكتاب الاقتصار على ما ذكره علماؤنا قدس الله أرواحهم واختاروه من بين سائر الطرق وأوردوه في كتبهم الفقهية وغيرها وذلك طريقان فالأول أورده سلطان المحققين نصير الملة والحق والدين أنار الله برهانه في التذكرة وانا أورده بلفظة الشريف قال طاب ثراه ان الشمس تكون مادة بسمت رأس مكة شرفها الله تعالى حين كونها في الدرجة الثامنة من الجوزاء والدرجة الثالثة والعشرين من السرطان وقت انتصاف النهار والفضل بين نصف نهارها ونصف نهار سائر البلدان يكون بقدر التفاوت بين الطولين فليؤخذ التفاوت ويؤخذ لكل خمسة عشر جزء منه ساعة ولكل جزء أربع دقائق فيكون ما اجتمع ساعات البعد عن نصف النهار وليرصد في ذلك اليوم ذلك الوقت قبل نصف النهار ان كانت مكة شرفها الله تعالى شرقية أو بعده ان كانت غربية فسمت الظل حينئذ سمت القبلة انتهى كلامه زيد اكرامه ووجه مرور الشمس حال كونها في كل من الدرجتين المذكورتين بسمت رأس مكة ما ثبت من أن ميل كل منهما عن المعدل بقدر عرضها ووجه مساواة الفضل المذكور لما بين الطولين (إلى اخر ما قال طاب ثراه ظاهر فان ما بين الطولين) قوس من المعدل واقع بين دائرتي نصف نهار البلدين ولما كانت اجزاء المعدل ثلاثمأة وستين كل منهما
(١٩٦)