الامارات بحيث يكون فرضه الصلاة إلى أربع جهات فإنه يجوز على كل جزء من الجهات الأربع كون الكعبة فيه ويقطع بعدم خروجها عنه لكن لا لامارة شرعية هذا كلامه وظني انه لو ضم إلى تعريف المنتهى بحيث يجوز كونها في كل جزء منه لكان أحسن هذه التعريفات ولعل هذه الزيادة تفهم بأدنى عناية وانما احتيج إليها لأنه لولاها لصدق التعريف على سمت يقطع أو يظن خروج الكعبة عن بعضه هذا وقد ذكر الأصحاب رحمهم الله في كتب الفروع لاستعلام الجهة في بعض البلاد علامات كلها مستفادة من علم الهيئة الا علامة واحدة لأهل العراق أعني عراق العرب فقد رواها محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن القبلة فقال ضع الجدي في قفاك وصل وهذه الرواية وان كان راويها علي بن الحسن الطاطري الا ان الظاهر أن الشيخ رحمه الله نقلها من كتابه في القبلة وهو لا يخلو من اعتبار كما عرفت وهي وان لم يكن فيها تصريح بقبلة أهل العراق الا ان السائل وهو محمد بن مسلم لما كان عراقيا حملها الأصحاب على أن سؤاله عن قبلة بلاده وهنا رواية أخرى رواها الصدوق في الفقيه مرسلة ان رجلا قال للصادق عليه السلام اني أكون في السفر ولا اهتدي للقبلة فقال له أتعرف الكوكب الذي يقال له الجدي قال نعم قال اجعله على عينك وإذا كنت في طريق الحج فاجعله بين الكتفين وهذه الرواية مع ما هي عليه من الارسال أكثر اجمالا من السابقة فان السائل فيها غير معلوم لتحمل على قبلة بلده وأيضا فسؤاله عن القبلة في السفر لا في البلد لكن لما كان جعل الجدي على اليمين مما يناسب المواضع الشرقية عن مكة شرفها الله تعالى كالعراق وما ولاها ذكرها بعض علمائنا في علامات قبلتهم فهاتان الروايتان هما ما وصل إلينا في علامة القبلة ولم يتضمن أصولنا الأربعة التي عليها المدار في هذه الاعصار سواهما واما العلامات المذكورة في كتب الفروع فكلها كما قلنا الا ما ندر مأخوذ من علم الهيئة بان استخرجوا سمت القبلة بالطرق المقررة ثم وضعوا تلك العلامات ذريعة إلى إصابة المكلف ذلك السمت والعلامات كثيرة فمنها لأهل المشرق كعراق العرب وما والاها أربع علامات جعل الجدي على المنكب الأيمن والشمس عند الزوال على طرف الجانب الأيمن والشمس عند الزوال مما يلي الانف والمغرب والمشرق الاعتدالين على اليمين واليسار والقمر ليلة السابع من كل شهر عند غروب الشمس بين العينين وكذا ليلة إحدى وعشرين عند طلوع الفجر ومنها لأهل الشام أربع أيضا جعل الجدي خلف الكتف اليسرى وسهيل عند طلوعه بين العينين وعند غروبه على العين اليمنى وبنات النعش عند غيبوبتها خلف الاذن اليمنى ومنها لأهل اليمن علامتان جعل الجدي بين العينين وسهيل عند غيبوبته بين الكتفين ومنها لأهل المغرب علامتان جعل الجدي على الخد الأيسر والثريا والعيوق على اليمين واليسار ثم لا يخفى ان بين العلامة الأولى لأهل العراق وعلاماتهم الباقية تدافعا فان الأولى يقتضي انحرافهم عن نقطة الجنوب إلى صوب المغرب والعلامات الثلث الاخر يقتضي استقبالهم نقطة الجنوب وجماعة من متأخري علمائنا قدس الله أرواحهم كشيخنا المحقق الشيخ علي أعلى الله قدره قسموا العراق ثلاثة أقسام وجعلوا العلامة الأولى لأواسط العراق كبغداد والعلامات الباقية لأطرافه الغربية كالموصل واما أطرافه الشرقية كالبصرة فيحتاج إلى زيادة تقريب فلذلك حكموا بأن علامتها جعل الجدي على الخد الأيمن وهذا التقسيم هو الموافق لقواعد الهيئة فان طول بغداد على ما ذكره سلطان المحققين نصير الملة والدين
(١٩٢)