مراسيل ابن أبي عمير وان تعامل معاملتها ولا تطرح بمجرد الارسال نعم يمكن ان يقال إنه لا دلالة لتينك الروايتين على ما فهمه الأصحاب من أن النهي فيهما انما كان عن صب الماء في اليد لاحتمال كونه عن الصب على نفس العضو المغسول و يؤيده الاستشهاد بالآية الكريمة فان النهي فيها ظاهر في التحريم وكذا قوله (عليه السلام) توجر أنت وأوزر انا إذ لا وزر في فعل المكروه وبهذا يرتفع التعارض بينهما وبين الحديث الرابع المتضمن لصب أبي عبيده الماء في يد الباقر (عليه السلام) ولا يحتاج إلى حمله على الضرورة أو بيان الجواز والله أعلم بحقايق الأمور والاسدال في اللغة ارخاء الستر وطرف العمامة ونحوهما ومنه السديل وهو ما يرخى على الهودج ففي الكلام استعارة تبعية وما تضمنه الحديثان الأولان من ابتدائه (عليه السلام) بأعلى الوجه هو مستند جمهور الأصحاب على وجوب الابتداء بالأعلى لأنه (عليه السلام) في مقام البيان فوجب اتباعه ولما روي من أنه صلى الله عليه وآله لما توضأ الوضوء البياني قال هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة الا به ولأنه صلى الله عليه وآله لو بدء بغير الاعلى لتعين ولم يجز خلافه لهذه الرواية لكنه لم يقل به أحد فتعين ان يكون قد بدأ بالأعلى هذا خلاصة ما استدل به العلامة في المنتهى وذهب السيد المرتضى رضي الله عنه وابن إدريس إلى جواز الابتداء بغير الاعلى لاطلاق الآية وأصالة براءة الذمة ويمكن ان يقال من جانبهما في الجواب عن الدليل الأول ان مجرد ابتدائه (عليه السلام) بالأعلى لا يقتضي وجوبه كامراره (عليه السلام) اليد على الوجه ولم لا يجوز ان يكون ذلك من الأمور الجبلية فان كل من يغسل وجهه يغسله من الأعلى وأيضا فيجوز كون غسله (عليه السلام) من الأعلى لكونه أحد جزئيات المأمور به أعني مطلق الغسل لا لكونه عين المأمور به وعن الثاني انها رواية مرسلة لا تعويل عليها مع ظهور ان المراد لا يقبل الله الصلاة الا بمثله فالواجب أقل ما يصدق معه مماثلة الوضوئين ولا نسلم انتفاؤها رأسا بالبدءة بغير الاعلى وبه يظهر الجواب عن الثالث على أنه يجوز ان يكون (عليه السلام) بدء بالأسفل لبيان جوازه فيه وبما قررناه يعلم أن قول المرتضى رضي الله عنه غير بعيد عن الصواب وان كان العمل على المشهور بين الأصحاب وظني انه لو استدل على هذا المطلوب بان المطلق ينصرف إلى الفرد الشايع المتعارف و الشايع المتعارف في غسل الوجه غسله من فوق إلى أسفل فيصرف الامر به في قوله تعالى فاغسلوا وجوهكم إليه لم يكن بعيدا والله أعلم وقوله ثم مسح بيده الجانبين جميعا ربما يوجد في بعض نسخ التهذيب الحاجبين والأول أصح وهو الموافق لما في الكافي و يمكن ان يستدل به على ما يلوح من كلام ابن الجنيد من وجوب امرار اليد على الوجه ولا يخفى ان الأدلة الثلاثة التي استدل بها العلامة على وجوب الابتداء بأعلى الوجه جارية بعينها هنا وما يرد عليها هناك يرد عليها هنا من غير فرق واستدل له في الذكرى بان المعهود من الغسل ما كان معه امرار اليد ثم أجاب عنه بان الغالب في استعمال الغسل وان كان ذلك لا يلزم منه وجوبه وفيه نظر فان المطلق ينصرف إلى الفرد الشايع الغالب كما مر فينبغي ان يحمل الغسل المأمور به على ذلك كما اعترف به وقوله ثم أعاد اليسرى في الاناء كان الظاهر أن يقول ثم ادخل اليسرى ولعله أطلق الإعادة على الادخال الابتدائي لمشاكلة قوله فيما بعد ثم أعاد اليسرى ليمنى ولا يشترط في المشاكلة تقدم المشاكل بالفتح على المشاكل بالكسر وان كان أكثريا الا ترى انهم صرحوا بان يمشي في قوله تعالى فمنهم من يمشي على بطنه لمشاكلة قوله تعالى ومنهم من يمشي على رجلين ويمكن ان يقال إنه أطلق الإعادة باعتبار كونها يدا لا باعتبار كونها يسرى وقوله في الحديث الثاني فدعا بقعب فيه شئ من ماء القعب بفتح القاف واسكان العين قدح من خشب وما تضمنه هذا الحديث من وضعه (عليه السلام) الاناء بين يديه يخالف ما
(١٢)