في تحصيل الايمان وأصول العقايد أو في اتخاذ الأصدقاء والإخوان وحسن معاشرتهم واسداء المعروف إليهم أيام حياته فاهداؤهم تلك المبرات إليه بعد موته مما حصل بسعيه في الحقيقة الثالث ان مضمون الآية مخصوص بأمة موسى وإبراهيم كما يساعد عليه السياق واما هذه الأمة المرحومة فلا يعد في أن يصل إليهم ما سعى فيه غيرهم أيضا تفضلا من الله تعالى عليهم ولعل خير هذه الوجوه الثلاثة أوسطها والله سبحانه اعلم وقوله عليه السلام ولو أن رجلا فعل ذلك عن ناصب لخفف عنه المراد ان ثمرة ذلك تخفيف العذاب عنه فقط لا انه يحصل له بسبب ذلك ثواب فان قلت حسنات الكافر وقرباته الصادرة عنه محبطة فكيف الصادرة عن غيره نيابة عنه وهذا يقتضي ان يكون وجودها كعدمها فلا اثر لها أصلا قلت الاحباط لا يستلزم عدم التأثير مطلقا بل في ترتب الثواب لا غير وقد ذكر جماعة من المفسرين عند قوله تعالى فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ان اسم الشرط في الآية الكريمة باق على عمومه غير مختص بالمسلم وان الخير الذي يراه الكافر من اعمال البر هو تخفيف عقابه وان معنى احباط حسنات الكفار عدم اعطائهم عليها ثوابا لا انها لا تؤثر في تخفيف عقابهم أصلا واما قوله تعالى لا يخفف عنهم العذاب فلعل المراد به والله أعلم نفي التخفيف من دون تحقق ما يوجبه من تلك الأعمال وما يجري مجراها هذا ولا يخفى ان ما تضمنه هذا الحديث من الصلاة عن الميت يعم المندوبة والواجبة وفي بعض الأخبار تصريح بذلك وهو يشمل الاستيجار للصلاة أيضا وان لم نظفر في الاخبار بالتصريح به ولشيخنا الشهيد طاب ثراه في الذكرى كلام في هذا المقام لا بأس به قال قدس الله روحه ان جواز الاستيجار على فعل الصلاة الواجبة بعد الوفاة مبنى على مقدمتين إحديهما جواز الصلاة عن الميت وهذه اجماعية والأخبار الصحيحة ناطقة بها والثانية ان كلما جازت الصلاة عن الميت جاز الاستيجار عنه وهذه المقدمة داخلة في عموم الاستيجار على الأعمال المباحة التي يمكن ان تقع للمستأجر ولا يخالف فيها أحد من الامامية ثم قال فان قلت فهلا اشتهر الاستيجار على ذلك والعمل به عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام كما اشتهر الاستيجار على الحج حتى علم من المذهب ضرورة قلت ليس كل واقع يجب اشتهاره ولا كل مشهور يجب الجزم بصحته فرب مشهور لا أصل له و رب متأصل لم يشتهر اما لعدم الحاجة إليه في بعض الأحيان أو لندرة وقوعه والامر في الصلاة كذلك فان سلف الشيعة كانوا على ملازمة الفريضة والنافلة على حد لا يقع من أحد منهم اخلال بها الا لعذر يعتد به كمرض موت أو غيره فإذا اتفق فوات فريضة بادروا إلى فعلها لان أكثر قدمائهم على المضايقة المحضة فلم يفتقروا إلى هذه المسألة واكتفوا بذكر قضاء الولي لما فات الميت من ذلك على طريقة الندور ويعرف هذه الدعاوي من طالع كتب الحديث والفقه وسيرة السلف معرفة لا يرتاب فيها فخلف من بعدهم قوم تطرق إليهم التقصير واستولى عليهم فتور الهمم حتى آل الحال إلى أنه لا يوجد من يقوم بكمال السنن الا أوحديهم ولا يبادر لقضاء الفائت الا أقلهم فاحتاجوا إلى استدراك ذلك بعد الموت لظنهم عجز الولي عن القيام به فوجب رد ذلك إلى الأصول المقررة والقواعد الممهدة وفيما ذكرناه كفاية انتهى كلامه أعلى الله مقامه وهو كلام جيد متين والله أعلم بحقايق الأمور وما في الحديث الثالث من كون أرواح المؤمنين في الجنة على صور أبدانهم قد بسطنا الكلام فيه في شرح الحديث الأخير من كتاب الأربعين فليقف عليه من اراده وما تضمنه الحديث السادس والسابع والثامن من عظم الثواب على المصائب قد ورد به عن أصحاب العصمة سلام الله عليهم من طرق الخاصة أحاديث متكثرة تكاد تكون متواترة المعنى
(٧٥)