وكيف كان فاغتفار نجاسة المكان مقيد بما عدا موضع الجبهة فان علماءنا متفقون على اشتراط الطهارة فيه وبما إذا لم يتعد نجاسته إلى بدن المصلي أو ثوبه وهل تعدى النجاسة المعفو عنها كدون الدرهم من الدم وإلى ما لا يتم فيه الصلاة مغتفر يحتمل ذلك لاطلاق العفو الشامل للاستدامة والحدوث ولأنه إذا عفي عن استدامته في كل الصلاة ففي بعضها بطريق أولى واليه مال شيخنا في الذكرى لكن نقل فخر المحققين طاب ثراه في الايضاح عن والده قدس الله روحه أنه قال الاجماع منا واقع على اشتراط خلو المكان من نجاسة متعدية وان كانت معفوا عنها في الثوب والبدن وظاهر اطلاق كلام العلامة في المنتهى يشعر بذلك وهذه عبارته يشترط في المكان ان يكون خاليا من نجاسة متعدية إلى ثوب المصلي أو بدنه ذهب إليه علماؤنا أجمع لكن تعليله ذلك بان طهارة الثوب والبدن شرط في الصلاة ومع النجاسة المتعدية يفقد الشرط ربما يؤذن بكلام الذكرى ويمكن ان يجعل تعليلا لبعض المدعى كما يفعله طاب ثراه كثيرا وحينئذ فلا مخالفة بين كلامه هذا وبين ما نقله عنه ولده قدس سرهما كما ظنه بعض الأصحاب هذا وقد ذهب أبو الصلاح والمرتضى رضي الله عنهما إلى اشتراط طهارة كل مكان للمصلي ولو قلنا به لم يكن بذلك البعيد فان أدلة اغتفار نجاسته كما سمعت ومكان المصلى عند المرتضى مساقط كل بدنه حتى ما يحاذي صدره وبطنه وعند أبي الصلاح مساقط الأعضاء السبعة لا غير وفي الحديث الخامس والعشرين دلالة على ما ذهب إليه واستدل به في المختلف لأبي الصلاح وحمله على تعدي النجاسة والاستحباب واما قول بعض الأصحاب انه لم يقف لأبي الصلاح في اعتبار طهارة مواضع المساجد على حجة فهو كما ترى والشاذكونة بالشين المعجمة والنون قبل الهاء حصير صغير واطلاق الجنابة والاحتلام على المعنى مجاز شايع وما دل عليه الحديث الثامن والتاسع عشر والعشرون من كراهة الصلاة في البيداء أو ذات الصلاصل وضجنان هو المعروف بين الأصحاب وهذه المواضع الثلث في طريق مكة شرفها الله تعالى وذات الجيش بالجيم والشين المعجمة روي أن جيش السفياني يأتي إليها قاصدا مدينة الرسول صلى الله عليه وآله فيخسف الله تعالى بتلك الأرض وبينها وبين ذي الحليفة ميقات أهل المدينة ميل واحد وذات الصلاصل بالصادين المهملتين ارض ذات صوت إذا مشى عليها وضجنان بالضاد المعجمة والجيم ونونين بينهما الف جبل بمكة هذا ولا يخفى ان الحديث العشرين يعطي ان الظواهر هي نفس الجواد والحديث الرابع صريح في أنها ما بين الجواد فلعلها يطلق عليهما معا وما تضمنه الحديث الرابع والعشرون من المنع من الصلاة إلى مصحف مفتوح محمول عند أبي الصلاح رحمه الله على التحريم و عند الباقين على الكراهة ولم يفرق في المنتهى بين القاري والأمي معللا بحصول التشاغل لهما وهو يعطي كراهة الصلاة إلى كل ما يحصل به التشاغل ومن ثم حكم بكراهة تزويق القبلة ونقشها وان يكتب فيها شئ ولا بأس به وما تضمنه الحديث السادس والعشرون من كراهة الصلاة في السبخة إذا لم يقع الجبهة مستوية مشهور بين الأصحاب وهذا القيد متروك في كثير من كتب الفروع والأولى ذكره ونفي البأس في الحديث السابع والعشرين اما ان يراد به نفي التحريم أو إذا وقعت الجبهة مستوية وما تضمنه الحديث التاسع والعشرون من النهي عن الصلاة في بيت فيه خمر محمول عند جمهور الأصحاب على الكراهة وعند الصدوق على التحريم قال لا يجوز الصلاة في بيت فيه خمر محصور في انية وقال المفيد لا يجوز الصلاة في بيوت الخمر مطلقا وقد دل هذا الحديث على أن عين الخمر من المسكرات حكمه في ذلك حكم الخمر وان كان طاهر كالحشيشة مثلا ولا يحضرني الان ان أحدا من الأصحاب قال بذلك ولا بعد فيه بعد ورود النص والله أعلم الفصل الثالث في حكم الصلاة في السفينة وعلى الدابة وعلى الرف المعلق
(١٦٤)