ز سماعه عن أبي عبد الله عليه السلام ان الله عز وجل جعلهما طهورا الماء والصعيد أقول قد تضمنت الأحاديث الثلاثة الأول والأخير التعبير عما يتيمم به تارة بالأرض وأخرى بالتراب وأخرى بالصعيد كما تضمنته الآية الكريمة وكلام أهل اللغة في الصعيد مختلف ففي الصحاح الصعيد التراب وقال تغلب وجه الأرض وفي القاموس الصعيد التراب ووجه الأرض وقال ابن دريد الصعيد هو التراب الخالص الذي لا يخالطه سنج ولا رمل نقله في الجمهرة عن أبي عبيدة وقال ابن فارس في المجمل الصعيد التراب وفي تفسير النيسابوري الصعيد التراب فعيل بمعنى فاعل ونقل الشيخ الطبرسي في مجمع البيان عن الزجاج ان الصعيد ليس هو التراب وانما هو وجه الأرض ترابا كان أو غيره قال وانما سمي صعيدا لأنه نهاية ما يصعد إليه من باطن الأرض ونقل المحقق في المعتبر عن الخليل عن ابن الأعرابي ان الصعيد وجه الأرض وذكر جماعة من المفسرين في قوله تعالى فتصبح صعيدا زلقا أي أرضا بيضاء يزلق عليها لاستيصال أشجارها ونباتها وهذا الاختلاف هو منشأ اختلاف الأصحاب رضوان الله عليهم فقال المرتضى رضي الله عنه في شرح الرسالة لا يجزي في التيمم الا التراب الخالص اي الصافي مما لا يقع عليه اسم الأرض كالكحل والزرنيخ وأنواع المعادن وقال المفيد في المقنعة الصعيد هو التراب وانما سمى صعيدا لأنه يصعد من الأرض ولم يجوز التيمم بالحجر الا عند فقد التراب وقال الشيخ في المبسوط لا يجوز التيمم الا بما يقع عليه اسم الأرض اطلاقا سواء كان عليه تراب أو كان حجرا أو حصا أو غير ذلك وقال ابن إدريس لا يعدل إلى الحجر الا إذا فقد التراب وهو موافق لكلام ابن حمزة في الوسيلة وبه قال الشيخ في النهاية وفاقا لسلار وقد احتج المرتضى رضي الله عنه بان الصعيد في الآية هو التراب بالنقل عن أهل اللغة حكاه ابن دريد عن أبي عبيدة وبما اشتهر من قوله صلى الله عليه وآله جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا ولو كانت الأرض طهورا وان لم يكن ترابا لكان لفظ ترابها لغوا و أجاب المحقق في المعتبر عن الأول بأنه لا يلزم من تسمية التراب صعيد ان لا يسمى به الأرض بل جعله اسما للأرض أولى لأنه يستعمل فيهما فيجعل حقيقة في المقدار المشترك بينهما وهو الأرضية دفعا للاشتراك والمجاز فيكون التراب صعيدا باعتبار كونه أرضا لا باعتبار كونه ترابا وعن الثاني بأنه تمسك بدلالة الخطاب وهي متروكة في معرض النص اجماعا هذا كلامه قدس الله روحه وظني انه غير ناهض برد كلام السيد طاب ثراه اما قوله انه لا يلزم من تسميته التراب صعيدا ان لا يسمى به الأرض إلى اخره فلان السيد انما استدل بقول أئمة اللغة الصعيد التراب كما قاله الجوهري والصعيد هو التراب الخالص كما حكاه ابن دريد بتعريف المسند إليه باللام الجنسية وهو يفيد قصر المسند إليه على المسند كما قاله علماء المعاني في نحو قولنا الكرم هو التقوى والحسب هو المال من افادتهما ان الكرم ليس شيئا وراء التقوى والحسب ليس شيئا وراء المال وليس هذا استدلالا بمجرد تسمية التراب صعيدا واما قوله ان تمسك السيد بالحديث تمسك بدلالة الخطاب ففيه نظر ظاهر فان قوله عليه السلام جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا لا ريب انه مذكور في معرض التسهيل والتخفيف وبيان امتنان الله سبحانه على هذه الأمة المرحومة وهو من قبيل قوله عليه السلام بعثت بالشريعة السهلة السمحاء وظاهر انه لو كان غير التراب من اجزاء الأرض طهورا أيضا لكان ذكر التراب لغوا صرفا وتوسيطه في البين مخلا بانطباق الكلام على ما يقتضيه المقام وكان مقتضى الحال ان يقول صلى الله عليه وآله جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فإنه ادخل في الامتنان وليس هذا استدلالا بمفهوم الخطاب
(٩٠)